أصبحت لدينا ثقافة تعليمية جديدة، وإن لم تتبلور بعد بالشكل الذي يطمع له قادة البلاد – حفظهم الله – والمسؤولون في وزارة التعليم، ولا طلبة العلم بجميع مراحلهم الدراسية، ولكن بدأت ملامح المرحلة التعليمة الجديدة تبرز بالشكل المرضي نوعًا ما، وأظن أن مرحلة التحدي على منصة التعليم بدأت بالقبول وهذا إنتاج ثمارها الأولية مع انتهاء النصف الدراسي الأول.
سبق وقد كتب مقالان عن المنصة الدراسية في أجواء الجائحة؛ الأول كان بعنوان “الدراسة أونلاين” ويتلخص المقال في بروز نوع الدراسة وكيفيتها، وأن غالب هذا الجيل يجيد لغة الإنترنت، فمن ثم لن يجد صعوبة في التخاطب مع هذا النوع من التكنولوجيا المتطورة والحديثة، والمقال الثاني بعنوان “منصة مدرستي في اليوم الوطني ٢٠٢٠” وقد أوضحنا فيه أن مشروع المنصة الدراسية الإلكترونية هي من ضمن مشاريع الرؤية الوطنية ٢٠٣٠، وأن الجائحة كانت سببًا في إبراز هذه الخطة الوطنية المستقبلية، وكذلك أشرنا إلى أن المنصة بدأت بالقبول، وبدأت بشق طريقها المستقبلي والعصري في ظل هذه الظروف التي تكتسحها الجائحة.
وبعد جهد وزارة التعليم في بذل كل ما تستطيعه من توفير الإمكانيات والخطط لإنجاح هذا المشروع، وكذلك المؤسسات الخيرية والاجتماعية، والسير في ركب التطور الذي لابد منه، وفي أي حال من الأحوال، وبما أن التجربة بتوها هي وليدة عصرها مع تزامنها مع الجائحة، فهذا شكّل صعوبة في كسب الرضا العام عند كل الأطراف، ومع أنها تجربة أولية وفي هذه الظروف والتحديات الصعبة، إلا أن العزيمة التي كانت عند الجميع، هي التي ساعدت على دفع عجلة التعليم بهذه الآلية المتطورة والعصرية دون أي تردد في إنجاح هذه العملية التعليمية العصرية والحديثة، أيضًا كان هناك دور مهم قام به الجندي المجهول، الذي له فضل كبير جدًا، في دفع العجلة التعليمية، وتحمله عناء هذا الدعم اللوجستي، إلى أبنائنا أمام المنصة التعليمية، أي التعليم عن بُعد، ألا وهن الأمهات ودورهن الفعال، واللاتي ينبغي رفع القبعات لهن بكل جدارة، فقبل أن نوجه الشكر لأبنائنا الطلبة على كل ما بذلوا، ينبغي أن نتوجه أولًا بالشكر الجزيل لجميع الأمهات، اللاتي لعبن دورًا مهمًا في منازلهن مع أبنائهن، وخاصة مع من معهن عدد من الأبناء من الطلبة وفي مراحل ومستويات مختلفة، علمًا بأن بعضهن موظفات وعاملات وسيدات أعمال، إضافة إلى أن غالبهن ربات منازل، فكان الوقت والجهد يمثلان عاملي تحدٍّ بالنسبة لهن، في تمكن أبنائهن للقبول بهذه آلية التعليمية الحديثة ودفعهم نحوها، وكذلك في مساعدة أبنائهن لاستيعاب مقرراتهم الدراسية بالطريقة الحديثة.
فالصعوبة التوافق بالنسبة لهن، كان يشكل لهن تحديًا آخر، بين المكوث الدائم مع أبنائهن أمام شاشات الكمبيوتر لفترات طويلة، وبين أمورهن الشخصية والعملية والمنزلية، التي تمر بهؤلاء الأمهات مع أبنائهن، فقد أثمرت هذه الجهود والتحديات بالفعل عن نجاح هذه التجربة التعليمية الإلكترونية الحديثة، فهن يمثلن نصف نجاح المشروع لهذه التجربة الصعبة والجديدة.
الحمد لله قد مضى النصف الدراسي الأول، ونأمل أن يكون قد تكلل بالنجاح عند جميع الطلاب والطالبات، وفي جميع المرافق التعليمية، وهذا بفضل الله ثم بفضل حكومتنا الرشيدة، والعاملين في وزارة التعليم، وبفضل الجندي المجهول وهن الأمهات، وكذلك بعزيمة كل الطلاب والطالبات، ولا أبخس دور الآباء الموقرين بدعمهم اللوجستي والمعنوي، بكل ما يستطيعون أن يقدموا لأبنائهم لدعم المسيرة التعليمية بكل جدارة ونجاح.
وفي ختام هذا النصف الدراسي الأول، ونحن ما زلنا في ظل الأجواء التي تحيطها هذه الجائحة، نتطلع إن شاء الله إلى المزيد من العطاء الروحي والجسدي والمعنوي من كل الجهات، سواء كان من الجانب الحكومي أو الأهلي أو العائلي، وخاصة الوالدين، وكما أن وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة، كذلك وراء كل أبناء عظماء أمهات عظيمات وآباء عظماء، فشكرًا مامًا، ولكل من ساهم في إنجاح هذه التجربة التعليمة الحديثة، ومبارك لكل الناجحين والنجاحات والمتفوقين والمتفوقات، وكل عام والجميع بخير.