النقد

النقد قيمة عظيمة إذا كان بناءً، ومحبط وسيئ إذا كان سلبياً، فالنقد يشمل الأفراد والمؤسسات والشركات، وكذلك يوجد النقد الأدبي والفني والصحفي، فالنقد مهم لتحسين حياة الإنسان في الكثير من المجالات، ولكن إذا أسيء استخدامه، فهو مضر ومعطل للحياة الأفضل.

قال الإمام علي عليه السلام “رحم الله امرئ أهدى لي عيوبي”، لأن الإنسان لا يعرف بعض العيوب والأخطاء التي يرتكبها أو هناك أسباب لبعض التصرفات فيأخذها الناس سلباً ولكنها مبررة، ولهذا يحتاجون محبيهم وأصدقائهم لتنبيههم وبطريقة مؤدبة، فالكامل وجه ربي ونحن بشر خطاؤون، ولكن نياتنا في معظم الأوقات حسنة، وهذا يجعل من الإنسان شخصاً أحسن وأخطاؤه أقل، فيكون المجتمع أفضل والحياة أجمل، والنَّاس متعاونون ويدعمون بعضهم البعض.

وهناك أناس سلبيون ونظرتهم للناس والحياة سوداوية، فهم دائمو الانتقاد الهدام والتذمر من كل شيء، فالناس عندهم شريرون والحياة كلها مشاكل، فينظرون دائماً للنقطة السوداء في الصفحة البيضاء، فكل الناس مخطئون وهم الذين على حق، فأبناؤهم إذا نجحوا بمعدل فوق التسعين فهم كسالى لأنهم لم يحصلوا على مئة في المئة، وكذلك الجيران الطيبون والذين يعاملونهم جيداً ما هم إلا متملقون ومنافقون، وكذلك إذا ذهبوا إلى مطعم والأكل جيد والمعاملة حسنة و كل شيء ممتاز، ينتقدون كاسات الماء لأنها بلاستيكية بالرغم من أن هذا أثناء الجائحة، فهم يجدون العيوب في كل شيء وكل الناس.

أما المؤسسات والشركات فتحتاج للنقد والتفتيش الذاتي والخارجي، فجزء من إدارتها هي أقسام للتفتيش، وذلك لاتباع معايير النزاهة والسلامة وتحسين وتطوير التشغيل، والمؤسسات والشركات يوجد عندها مفتشون ماليون من أجل تنفيذ الميزانية والنزاهة في كل الأمور المالية.

والشركات الكبيرة تدرب وتطور مفتشين في كل التخصصات الفنية، وكل التصميمات الهندسية تمر بقسم التفتيش قبل التنفيذ، فهم يراجعون التصميم الهندسي قبل التنفيذ ويجدون أفضل تصميم، وهل التصميم يفي بالغرض المطلوب، ويسمى باللغة الإنجليزية Design Critique، أي نقد التصميم.

وأيضاً الشركات والمؤسسات تأتي بمفتشين خارجيين من أجل التفتيش المالي والفني، وهؤلاء المفتشون يصدرون تقارير تتابع من الإدارة العليا وتنفذ، حتى يضمنوا نزاهة الشركة مالياً، ويضمنوا سلامة التشغيل فنياً وكفاءة التشغيل، ومعظم الشركات الناجحة تستفيد من النقد والتفتيش لتطوير نفسها.

وأيضاً هناك النقد الأدبي والفني والصحفي، فالناقد الأدبي يرقى بالأدب والأدباء إلى أعلى المستويات، ويمنع الدخلاء على الأدب من الهبوط بالشعر والنثر، فهم خط منيع وحصن يحمي الأدب، وكذلك بالنسبة للنقاد الفنيين يحرسون ويحمون الفن من الأفلام والمسلسلات الهابطة، أما بالنسبة للناقد الصحفي فهو يحلل ويوجه المشاهد أو القارئ للاحتمالات المنطقية لكل حدث أو خبر، ويرفع مستوى الوعي عند الجمهور.

وأخيراً النقد نعمة إذا كان بناءً ونقمة إذا كان هداماً.


error: المحتوي محمي