نهج فكري

عندما نتناول محيطنا الفكري بكل تفاصيله، وخصوصاً آلية نجاح أي هوية فكرية واعية، فلا بد أن تكون منهجيته مخطط لها لتحقيق الأهداف، وعلى مر العصور والحضارات وفي كل مجالات الحياة ومناشطها هناك مناهج فكرية عبثية تبرز وتنتشر بين حين وآخر من خلال أشخاص تتشدق بأصداء وفكر من سبقوهم في توجهاتهم الفكرية غير المتزنة، وأداة التقييم لهذا الفكر هو في العادة حكم أفراد المجتمع العقلاء من أهل المعرفة حول مدى عقلانية ومنهجية الفكر المطروح.

إن الحقيقة والواقع ينبئان بأنه مجرد هواجس عقلية محضة توهمها مدعوها مع مرور الزمن أنها أفكار حداثية مهمة لتغيير المجتمع من حولهم، ومما يؤسف له هو التفاف البعض حول هؤلاء الأشخاص متأثرين بأفكارهم ليصلوا في نهاية المطاف إلى سراب كان الظمآن يحسبه ماءً وإلى نبع جاف لا ماء فيه ولا ثمر من حوله؟

لقد اكتشفوا أنها مجرد قنوات متشققة أكل الزمان عليها وشرب وأصبح من المستحيل إعادة الحياة إليها.

لقد عاد ذلك الفكر غريباً كما ولد غريباً غير مرغوب فيه، خالياً من كل القيم السامية الرفيعة التي تأخذ بالإنسان إلى مدارج الكمال.

إنها فئة لا تتقن أي فن من فنون الحياة وغايتها البروز على الساحة، ولكن سرعان ما تبدي الحقائق أنهم لا يملكون سوى فكر أجوف لا يسمن ولا يغني من جوع ولا ينطلق من وعي، وإنما حروف مركبة يستنطقها شيطانه المتلون والمتلوث بالرذائل الغائب عن فكر زمنه الحاضر والمتوغل في الفكر المندثر.

يحاول أن يسير في عالمه الموهوم ولكن سرعان ما سيفاجأ بأنه وحيد فريد في هذا الطريق وقد أكل الزمان عليه وشرب، فهل يا ترى يقتنع بأن حالته فقيرة ميؤوس منها ولا مكان له في زماننا مهما تبدلت أقنعته الفكرية البائسة.

وقبل أن يجف حبري وتتخشب أفكاري أردت أن أقول إن النهج الفكري أمر يجب أن نحسن صياغته وإدارته، فالحياة الفكرية رواية يجب أن نتقن صياغتها وقراءتها، فسلام وإجلال لذلك الفكر الحي القادر على إيجاد الحلول والناطق بقوة العقل والساعي لحسن خاتمته على مرسى الأمان الفكري الأصيل، فهنيئاً لمن ركب سفينته ونجا من الغرق المحتوم في الزمن المعلوم، حيث ستزهر شمس الحقيقة ويعرف كل فرد ما هو الفكر الحقيقي الذي يسعى لإسعاد المجتمع بكل أطيافه، حيث أمورنا بيده وليس بيد من ادعى الفكر العبثي المصطنع.


error: المحتوي محمي