حظيت يا عود الأراكِ بثغرها *** *أما خفت يا عود الأراك أراكَ
لو كنت من أهـل القتال قتلتك *** *ما فـاز منـي يا سِواكُ سِواكَ
الزمن الماضي عندما أبصر الشاعر السواك في فم زوجته أنشد أبيات الحمية والغيرة حظيت يا عود… هل البعض فقد الحمية من الغيرة في زمننا الحاضر؟ أم أصبحت الغيرة مجنياً عليها في قفص الاتهام بأنها ضد الحضارة والتخلف؟ فالغيرة لا تقتصر على الزوجين، حيث تتوسع إلى غيرة الوطن وغيرة الدين وكذلك غيرة الجيران.
الفئة القلية من المجتمع العربي يصرحون بعواطفهم في الأماكن العامة، مما يجعل نظرة المجتمع لهم عاشقاً ومعشوقاً، حيث بعض التصرفات لا تناسب لياقة المجتمع العربي، ربما سبب نزول الغيرة خروج المجتمع من الأسوار إلى عالم إنستجرام ويوتيوب وأفلام نت فليكس من التقليد الأعمى، حيث استطاعت البرامج السوشيالية وشبكات الأفلام اختراق أسوار العقول وتغيير الكثير من الفطرة والقناعات في الاتجاه السلبي دون شعور من الشخص المستهدف من إطلاق عبارات “الحب ليس له قيود”، وتغيير موقع الخيانة الزوجية من سلة الانحطاط إلى سلة الحب والحق، فأصبح المتابع يتنازل تدريجياً حتى اقتنع بأن التعري حضارة والخيانة حب.
ينتشر السم تدريجياً في المتابع إلى هذه البرامج حتى يصبح الانحطاط الأدبي والأخلاقي والثقافي هو انفتاح وتطور، حيث الطبقة المنحلة أخلاقياً لا تريد التصافح والجلوس مع المحافظين، حيث يصفون المتحفظين بأنهم سجناء فكر متخلف.
سوف أخرج عن المقال بين القوسين وأرجع لك القارئ الكريم (في أيام الشتاء انقطع ذيل ثعلب بسبب صخرة، فرآه ثعلب من أصدقائه، لماذا ذيلك مقطوع؟ أجابه بأن قطع الذيل متعة وسعادة، فقطع الثعلب الثاني ذيله حتى يصل إلى المتعة والسعادة، لكن مع الأسف لم يحصل على المتعة بل حصل على ألم، فقال الثعلب الماكر لا تخبر أحداً بأن قطع الذيل مؤلم وقبيح المنظر لأنهم سوف يسخرون منا، فقل لهم بأننا في سعادة ومتعة حتى يقطع الجميع ذيولهم، فعلاً أغلب الثعالب قطعت ذيولها، حتى أصبح أي ثعلب له ذيل سليم منبوذاً وقبيحاً ومحل سخرية من الجميع ويحاول التواري عن الأنظار).
ربما أثقلت عليك من قصة الثعلب صاحب الذيل المقطوع لكن لها علاقة بالموضوع، حيث المنحطين أخلاقياً يعيرون الملتزمين في حسن أخلاقهم وعفتهم، بالرغم من أن فاقدي الحمية والغيرة سواء كان رجلاً أو امرأة أقلية في المجتمع لكن لهم تأثير في المجتمع، فالغيرة تجعل الحياة أكثر نشاطاً وفعالية عكس ما يحمله فاقدو الغيرة من المشاعر الخاملة والمريضة.
في الختام، مازالت فطرة أغلب المجتمع لم تتغير وسوف تكون متمسكة بحياة الفطرة، أعتقد استطعت الإجابة عن السؤال في العنوان، المسؤول عن دنو الغيرة ليس إنستجرام أو أفلام نت فلكس! إنما هو العزة والكرامة للشخص والتقليد الأعمى للغرب فصاحب / ــة النفس الكريمة تعلو الغيرة عندهم.