الطريق من كورنيش الناصرة إلى الواق واق

اعتادت المجتمعات منذ القدم على أن يكون لها عناصر مؤثرة في تقييم سلوك أفراد المجتمع. وغالبًا ما تكون تلك العناصر هم من ذوي الطابع الديني أو من يتنحل شخصية المتدين واضعًا في الحسبان منهجية الدستور الديني أو العرف كأداة يقيّم ويوجّه بها سلوك الناس.

ومع تطور التكنولوجيا ظهرت لنا مجموعة جديدة إضافة لرجال الدين هم bloggers أي المدونين من “مدونة” وفي عالمنا العربي يطلق عليهم مشاهير التواصل الاجتماعي. والتاريخ يعيد نفسه فمنهم من يساهم في تغذية المجتمع ومنهم من يعيث في الأرض فسادًا.

أن يكون المجتمع هو الشغل الشاغل لمن يسكن المجتمع هو أرقى أنواع الاهتمامات. ولكن يحدث أن ينحرف تفكير الإنسان وتأخذه الرغبة في تحويل المجتمع إلى مجتمع أفلاطوني. فيظهر وهو جالس في سيارته عوضًا عن المنبر وعوضًا عن أسلوب النعي الذي يقوم به الشيخ يتحدث blogger بنبرة صوت تكون في أقل درجة من الاسترخاء وكأنه يحتضر أو تكون طبقة صوته عالية وكأنه مصاب بنوبة هوس. وفي كلا الحالتين يحاول أن يوصل رسالة للناس بأنه مكتئب ويعاني من الأرق وفقدان الشهية لأن المجتمع لا يسير في الاتجاه الصحيح.

ويستغل هؤلاء الأشخاص المناسبات الاجتماعية وبالتحديد الترفيهية في التسويق لأفكارهم. فمنهم من يتحدث بأنه شاهد مراهقًا يمشي برفقة الهايسكي على الكورنيش وآخر يتحدث عن مشاهدته عباءة مراهقة قد انفتحت بفعل الهواء وكشفت عن خصرها. أو رجلًا ممسكًا بيد زوجته التي تركت خصلات شعرها تغطي إحدى عينيها. كذلك الاستماتة في تصوير المشهد بأن ما يحدث جانب غير أخلاقي. والمفاجأة أن هؤلاء (مشاهير شبكات التواصل الاجتماعي) في شهر محرم يظهرون نفس تذمرهم وامتعاضهم ولكن يختلف الزمان والمكان. حيث يقومون بتصوير أنفسهم مرتدين الأسود ويرسمون على ملامحهم الحزن لمصاب سيد الشهداء ويستميتوا في تقديم النصائح. هؤلاء الفئة من الناس نصبوا أنفسهم أوصياء على المجتمع من غير رخصة شرعية. وقد تملأهم السلبيات (الذنوب) ويذهبون لإسقاطها على مجتمعنا. وبالتالي الأثر السلبي الذي يتركونه هو إظهار الجانب السيئ وخلق الفتنة لا أكثر. لقد تم تصنيف bloggers أو مشاهير شبكات التواصل الاجتماعي إلى فئات من ناحية الاهتمام فهناك الاهتمام السياحي، أو الغذائي، والرياضي، والقائمة طويلة وأسوأهم هم الذين يهتمون بإثارة المشاكل وبث الفتنة بين الناس. وذلك عن طريق مراقبة سلوك الآخرين.

النظام هو أن يحصل الـbloggers على تصريح رسمي من وزارة الإعلام لعرض محتوى اهتماماته حتى يتم استثمار أفكارهم. كذلك إحالة كل من يتجاوز على أخلاقيات المجتمع إلى القضاء ومحاسبته. ومن لا يروق له ذلك فليذهب إلى جزر الواق واق.



error: المحتوي محمي