«عيون صفوى».. مياه عذبة روت المزروعات على مر عقود

اشتهرت مدينة صفوى بعيونها الدفاقة العذبة، التي تغزل بها كثير من الشعراء والكتاب بالمنطقة، والتي كانت تتدفق بمياهها التي تتجه إلى مسافات طويلة، وتروي المزروعات، وتقضي حوائج البشر المتنوعة، ولكن مثلها مثل العديد من العيون بمحافظة القطيف، جف وغار الماء فيها؛ لتبقى ذكراها على شفاه من عاشوا هذه الفترة وسبحوا فيها، وأبرز العيون هي عين داروش، والوسطية، والجنوبية، وعين ادويليب، وطالب المهتمون بضرورة الاهتمام بها واستثمارها. «داروش»..

الينبوع الأجود
قال الباحث والمهتم بالتراث والعيون ياسر الخميس، إن عين داروش كانت تسمى بعين الصفا في العصور القديمة، وهي عين عذبة دفاقة، كانت تأوي الناس، ولا يستغني عنها أحد، ويتدفق ماؤها إلى مسافات كبيرة. وأوضح أن لهذه العين سبعة أنهار، أهمها: نهر قميح، وهذا الفرع يتجه إلى الشمال من صفوى، حيث نخيل الزعافرينيات، والصبيبيحات، ومن بعدها حارة بارزان، فيما يعتبر نهر قميح أكبر الأنهار الداروشية والأكثر نفعًا للأهالي.

وبين الخميس أن الشيخ محمد العاملي قال في كتاب «لؤلؤة جزين»، لما تحدث عن العلماء الذين التقاهم في المنطقة سنة 1160هـ، ومنهم الشيخ حسين الصفواني: «صفوى قرية من قرى خط فيها عين ماء عجيبة ورد ذكرها في القاموس».

وأكد: أُحدِثَ اسم داروش في زمان الاحتلال البرتغالي للمنطقة «927 – 958هـ»، ثم غلب الاسم القديم، وكلمة Da rosha في اللغة البرتغالية تعني «الصخرة»، وكانت هذه العين معروفة بصخورها، ومنها اكتسبت مسماها القديم «الصفا».

واختتم: ذكرها لوريمر في دليل الخليج قائلًا: «على بعد ربع ميل جنوب قرية صفوى، داروش أجود ينبوع في كل واحة القطيف ويروي مع عتيقة كل أراضي قرية صفوى».

«الوسطية» مربعة الشكل.. و«ادويليب» الأضعف
بين المواطن داوود آل إسعيد، أنه كانت تتواجد في صفوى سابقًا أكثر من 20 عينًا، ومارس الأهالي السباحة في أكثر هذه العيون العذبة، ويعتقد أن بعضا منها شيد بين عامي 521 – 485 قبل الميلاد، كما تنقل مذكرات الكتب. وأضاف: لم يقتصر تواجد العيون في صفوى فقط، فقد تواجد حوالي 36 موردًا مائيًا، وما يهمنا الآن هو تواجد العين الوسطية، التي كانت عينًا مشهورة أيضًا، وهي مربعة الشكل، تقع بين عين داروش والعين الجنوبية، وتعرف قديماً باسم «الخسيف»، لأن تنورها عميق، وهي عين جميلة جدًا، وقوية التدفق.

أما عين ادويليب، فقال آل إسعيد إنها كانت تعتبر أضعف عيون البلدة آنذاك، وكانت عينًا لبلدة دارسة في شرق صفوى تسمى بقرية الجبل ورد ذكرها في قانون نامه، وتوجد عيون قديمة أخرى ضعف ماؤها قبل قرن من الزمان وأكثرها بصفوى أيضًا، منها ما أبصر أطلالها بعض كبار السن في ناحية الصولية.

«الجنوبية».. دافئة شتاء باردة صيفا
أكد المهتم بالتراث والعيون والبيئة جعفر الصفواني، أن إحدى العيون الشهيرة بصفوى، العين الجنوبية، وعرفت بذلك لأنها تقع جنوب عين داروش الشهيرة، والعين الوسطية، وعُرفت قديمًا باسم عين العتيقة، ويتفرع منها 4 أفرع أو أنهر. وقال الشيخ الجاسر بالمعجم الجغرافي، القسم الثالث، صفحة: 1229: «ورد هذا الاسم باعتباره من عيون القطيف في كتاب دليل الخليج وفيه العتيقة، على بعد ميل واحد جنوب قرية صفوى، وتعتمد قرية صفوى في الري عليها وعلى عين داروش».

وأكمل: إنما سميت بالجنوبية لوقوعها في جنوب صفوى وهي تبتعد عن عين داروش بنحو كيلو متر واحد، ومساحة هذه العين أكبر من مساحة عين داروش، إلا أنها لا توازيها في القوة، وتقتصر هذه العين في السقي على النخيل والمزارع في الجهة الجنوبية والجهة الشرقية وإلى حدود معينة.

وأشار الصفواني إلى أن ماء العين الجنوبية دافئة شتاءً، باردة صيفًا، ولما تأسس أول فريق للسباحة في المملكة بنادي الصفا سنة 1391هـ، على يد معلم التربية البدنية بمدرسة صفوى الثانوية كمال بيومي، انضم له ما يزيد على المائة متدرب، وأخذوا يتلقون تدريبهم في هذه العين، وأقيمت فيها أول مسابقة للسباحة للمسافات الطويلة في مهرجان الألعاب المائية للإدارة العامة للتعليم بالمنطقة الشرقية عام 1392هـ. وتابع: «لما تعرضت مياه العيون للبوار، حاول النادي إصلاحها، فتم له ذلك، ونظم العديد من المهرجانات والمسابقات المائية، ولكن منسوب مياهها أخذ في التراجع».

ولفت إلى أنه كانت هناك محاولات عديدة من مجموعة من الشباب المتطوع الذين فاق عددهم 50 بين شاب وفتاة في مارس من العام 2012م؛ لإرجاع الماء وبريق العين الجنوبية، إلا أنه لم يتدفق الماء وبقي في الأسفل بعد حفر عمق تراوح بين 18 و20 مترا، بعرض قطري يبلغ بين 10 إلى 15 مترا تقريبا. وطالب بالاهتمام بعيون صفوى، خاصة هذه العين التي يمكن طرحها لمستثمر بشرط المحافظة على كينونتها، ويمكن أن يقوم بكثير من الأنشطة والأعمال الجاذبة للسياحة بداخلها فهي واسعة المساحة وكبيرة الحجم، وموقعها جيد بصفوى.




error: المحتوي محمي