بعض الكلمات ما هي إلا متنفسٌ لصاحبها، فحينما نعجز عن بوح ما في صدورنا، لربما نشكي لمن نرى الأمان فيهم، لربما نصمتُ خوفًا من أَرق المسألة، لربما نكتمُ الأمر سرًا لكيلا تُزعجنا البلبلة، لربما نكتب ونكتب، فيقرأ من يقرأ، ويقفُ من يقف، ولربما نهمسُ للأرض في سجدة فتُجيبنا السماء بالفرج!
لربما ينفلتُ اللجامُ من أيدينا يومًا دون شعور، ويأسرُ الغضب خواطرنا دون إدراك، فتخرجُ الكلمات منا بلا خجلٍ ولا أدب، فتجرح من دون قصد، وتُدمي من دون إحساس!
في الحقيقة إنَّ بعض اللحظات لا تُمثلنا، لأنها نتاجُ فعلٍ أو ردةِ فعل، نتاجُ أثرٍ مضى أو همٍ مؤرق، بعض اللحظات شهيقها غضب وزفيرها انتقام فلا بد من أن نفهم ذلك في أنفسنا وفي أنفس من حولنا!
أعلمُ بأن القلوب مرهفة، والخواطر حساسة، أعلمُ أن بعضُ الكلمات كالسيف، تقطعُ الوصال بلا شفقةٍ ولا رحمة، وبعضُ الكلمات سُم يجري في البدن فيُمرِّضه إلى أن يفتكُ به!
لكني أعلمُ أيضًا بأن الصفح إحسان، والعفو إنفاق، والغفران بِر، أعلمُ بأن القلوب الرحيمة هي من تحوي رضا الله ورحمته وشفقته فيها!
انظر حولك، أما ترى بأن سهام الموت لا تُخطئ، وفرصتك في مُضي الأيام تقل، بالأمس كنت، واليوم تكون، وغدًا أنت كائنٌ إلى حيث ما وعد الله به!
أيها الناس تجردوا من أحقاد قلوبكم لكيلا تحترقوا بنارها، واسجنوا خلف الحلم والصمت غضبكم لكيلا ينفذ الشر منه إلى سلطانكم فَيُغشى على قلوبكم، وتسقطوا في وحل الزلةِ والخطأ.
أعلمُ بأن بعض الأمور صعبة على قلوبكم وأرواحكم، وأن الجبال الرواسي لا تتحمل ثقلها، أعلمُ بأن بعض المصائب تُصب عليكم صبَّا، لكني أعلمُ أيضًا بأن رحمة الله أعظم وأوسع من كل ذلك.
إلهي بسرك الأعظم فاطمة عليها السلام فرج عن جميع الموحدين في مشارق الأرض ومغاربها وفرج عني يا الله.