حوراء الخياط: الجائحة حرمتني الوظيفة.. ودفعتني لـ تصوير جماليات الطعام

بدأت قصة الفوتوغرافية حوراء رضا الخياط مع العدسة خلال هذا العام، تحديدًا في الـ ١٠ من شهر مارس بعد أن تركت وظيفتها بسبب الجائحة، وتوجهت للاشتراك في دورة تصوير بالهاتف النقال، والتي كانت عبارة عن مواضيع مُتفرقة، كتصوير الأطعمة والمنتجات، والطبيعة، وبعد كل موضوع كان على المتدربين تطبيق الدرس ومشاركة تطبيقاتهم.

لم يدر في خلد حوراء، خريجة العلاج الوظيفي من إحدى جامعات الولايات المتحدة الأمريكية، أن تترك وظيفتها التي لازمت فيها الأطفال من ذوي الإعاقات الحركية، بالإضافة لأطفال التوحد، وفرط الحركة وغيرهم، وتتجه للتصوير وتلاحق أطباق الأطعمة بعدستها.

وتقول: “هنا كانت المُفاجأة، عندما أرسلت تطبيقاتي لدرس الأطعمة في الدورة التي التحقت بها، كان حجم الإعجاب بالصور مُبهرًا جدًا، لم أتوقعه أبدًا، وفي هذه اللحظة، قررت أن أبدأ باستخدام كاميرتي الـ canon 7D، التي اقتنيتها في عام ٢٠١١م”.

ولادة وملهم
كان أول ما تعلمته على يدي أخيها الفوتوغرافي محمد الخياط، الذي يُصغرها بعام، والمُتخصص في تصوير حياة الشارع، حيث لقنها مفاهيم ومبادئ التصوير الفوتوغرافي، وهو يُمثل الداعم الأول لها كمصور، والذي على يديه تعلمت أساسيات الكاميرا، ومُلحقاتها، وشروط نجاح الصورة الفوتوغرافية.

وبينت أنها عند أخذ اللقطة الفوتوغرافية، إذا تحققت فيها العوامل الأساسية لنجاحها من؛ الإضاءة، والألوان، وتكوين الصورة المناسب، وترابط العناصر مع بعضها البعض بطريقه صحيحة، تقوم بعدها بعرضها على أكثر من شخص من أفراد عائلتها، وذلك لإعطائها أي ملاحظات تكون قد غفلت عنها، لافتة إلى أنها سعت لأن تُتقن أساسيات التصوير الفوتوغرافي، وتتمكن من أدواته.

شاركت “الخياط” أول لقطة فوتوغرافية التقطتها عدسة كاميرتها، وكانت في مجال الأطعمة، باسم “بداية حلم”، عبر حسابها في “إنستجرام” بتاريخ ١٥ يونيو ٢٠٢٠م.

وتُشير إلى أن الإلهام الذي تؤمن به لا يقتصر على مصور أو فنان بعينه، وإنما يأتي من عدة مصورين سواء من العائلة، التي لا تخلو من المبدعين – بحسب قولها – أو من خلال متابعتها لعدة مصورين وفنانين عرب وأجانب عبر صفحات التواصل الاجتماعي مثل؛ المعماري محمد العوامي، والمصور باسل عياش، والمصور تركي القلاف، والمصور عبد الله الشايجي، والمصورة الأجنبية Daria Kalugina، فكل واحد منهم يلهمها بطريقة معينة تختلف عن غيره.

تصوير الأطعمة
اختارت “الخياط” محور تصوير الأطعمة، ليكون السمة البارزة لعدستها، وذلك بسبب شغفها منذ سنوات بالتنسيق والتصميم والديكور، والاهتمام بالتفاصيل الصغيرة، وتعتبره بمثابة مُتنفس لها، لذلك دائمًا ما يلجأ لها أفراد العائلة، لسؤالها والأخذ برأيها في الأمور التي تخص هذا الجانب.

وأوضحت أن تصوير الأطعمة ليس بالأمر السهل والبسيط كما يعتقد البعض، مؤكدة أنه يحتاج إلى جهد وطاقة كبيرة تقع على عاتق المصور وفكره، ليتمتع بالابتكار والإبداع، أيضًا يهتم بتنسيق عناصر الصورة، لجعلها مترابطة مع بعضها البعض بطريقة احترافية.

وترى أن كل جزء في الصورة له أهميته، لتُضيف لمساتها على تشكلها وتنسيقها بصريًا، لتستفيد من التفاصيل الصغيرة تصاعديًا إلى موضوع الصورة، وذكرت مثالًا: لتصوير قطعة كيك، هناك أشياء كثيرة لابد أن نأخذها بعين الاعتبار، كاختيار الإضاءة ولون الخلفية المناسبة، وعناصر التكوين، كالأواني والإكسسوارات، والأهم تنسيق العناصر مع بعضها البعض لإظهار العنصر الاساسي بشكل جذاب، وقبل هذا كله يحتاج إلى ذائقة عالية، منوهة إلى أن عدستها احتضنت جميع الأطعمة بدون استثناء، إلا أن تصوير الحلويات والقهوة، له النصيب الأكبر.

تدرجت في التصوير، عبر الجد والاجتهاد، والتوسع في التزود بالثقافة والمعرفة، والتغذية الراجعة التي كانت تهتم بها كثيرًا، حتى استطاعت أن تكسب ثقة المُؤسسات التجارية والمطاعم والأسر المُنتجة، لتأتي لها عروض، لتصوير منتجاتهم.

وتقول إن تجربتها في تصوير المُنتجات كانت جميلة ومشجعة جدًا، وفتحت لها آفاقًا جديدة، كما زادتها خبرة، لافتة إلى أنهم عاودوا الاتصال بها، لتصوير منتجات أخرى، كما قدمت لها عروضًا من مؤسسات أخرى مباشرة، بعد مشاهدة صورها.

وذكرت أنها كمُصورة جديدة في هذا المجال، لا توجد الكثير من الإنجازات في حوزتها، مشيرة إلى أن إشادة الشركات التي تعاقدت معها مسبقًا ورضاها التام عن نتائج التصوير المقدمة لها، وزيادة مبيعاتها بشهادتها، يعتبر إنجازًا بحد ذاته، تفتخر به، وتابعت: “أيضًا تم التواصل معي من قبل شركة بيتي كروكر العالمية، لأكون جزءًا من مجتمعهم”.

الثقة والقراءة
وتطرقت إلى أبرز الصعوبات التي واجهتها في البداية، ومنها عدم الثقة بما تُقدمه، والخوف من رأي الآخرين، وطالما كانت تُراودها تساؤلات مفادها: “هل فعلًا هذه الصورة تستحق أن تُنشر، أم تحتفظ بها لنفسها؟”، ولكونها في البداية، فإن قلة المعلومات شكلت لها عائقًا، خصوصًا أنها لم تأخذ دورة في التصوير، وإنما كان كله اجتهادًا شخصيًا منها.

تغلبت “الخياط” على هذه الصعوبات، من خلال زرعها الثقة في نفسها أكثر، والاطلاع والقراءة، سعيًا إلى تثقيف نفسها في هذا المجال، وعدم التردد في سؤال المُصورين والفنانين من الذين هم أقدم منها، للاستفادة من تجاربهم.

وأضافت أنها لا تزال في بداية خطواتها، وترقب طريق الوصول للاحترافية الحقيقية، مبينة: “ما زلت ألملم خيوطي المُلونة، حتى يكتمل نسج الصورة، لأعانق طموحاتي التي لن أضع لها سقفًا، حتى تمر في سمائي نسائم كل جديد في عالم التصوير”.

نجاح الصورة
وفي ختام حديثها لـ «القطيف اليوم» قالت: “هناك ثلاثة عناصر أساسية للنجاح هي؛ الشغف والموهبة والعمل الجاد، وبشكل عام، هناك قواعد معينة ثابتة يستخدمها المُصور، لتجعل الصورة الفوتوغرافية ناجحة، كقاعدة الأثلاث والتوسيط والتناظر والتأطير، وهي من القواعد الكثيرة التي تُساهم في نجاح الصورة الفوتوغرافية، بالإضافة إلى أهمية الإضاءة المناسبة، التي تُعتبر العنصر الأول والأساس في نجاح الصورة”.

وأضافت: “بشكل خاص ومن وجهة نظري، هذا يختلف من مصور لآخر، لاعتماده بشكل كبير على ذائقة المصور نفسه، ونجاح الصورة الفوتوغرافية للأطعمة بالتحديد، يعتمد على التبسيط، واستخدام أقل عدد من العناصر والألوان، والتركيز على العنصر “الطبق” المُراد إظهاره، وإبرازه، حتى لا تُشتت عين المُشاهد عن العنصر الأساس”.

وشددت على أن “أي هواية لدينا لا تتطور إلا إذا طُعمت بالبحث المستمر والتعلم، السؤال ومتابعة كل جديد، فالشغف وحده لا يكفي، كما أن الثقة بالنفس سمة الناجحين، قد أكون مهندسًا وشاعرًا في آنٍ واحد، وربما أكون طبيبًا ومصورًا محترفًا، الإبداع يكمن هنا، في التنوع”.

وتابعت: “أعتقد أن أدوات التصوير سواء كانت قليلة أو باهظة الثمن، تعتمد بشكل كلي على المصور نفسه، وقدرته على توظيفها في المكان الصحيح، وبالطريقة الصحيحة، وأحيانًا لا نحتاج لأدوات باهظة الثمن للخروج بنتيجة مُميزة ومُبهرة”.

وذكرت أن الصورة لها إمكانية في تغيير الواقع، لذلك كانت الدعاية مطلوبة ومهمة جدًا للترويج لأي شيء أو أمر نُريد إيصاله لأكبر شريحة من المجتمع، فالصورة الفنية المتقنة تعمل على إقناعك بفكرتها سلبًا أو إيجابًا، وكلما قلت فنية الصورة، قلت قدرتها على الإقناع.



error: المحتوي محمي