يشتكي أصدقائي الشباب من كلفة الزواج، ويقولون هذا ما يمنعهم! لكنني أكاد أراهن على كلِّ امرأةٍ تملك عقلًا، أنها تقبل الرجل زوجًا عندما يكون رجلًا ملء ما تعنيه الرجولة من معنى، دون أن تطلب منه مالًا أو تشترطَ مهرًا، وأعطها طفلًا فسوف تطلب المالَ الكثير. وقبل أن تغضب مني، سوف أقول لك: لكلِّ قاعدةٍ شواذ، وفي كلِّ أنحاء الدنيا يوجد مجانين، نساءً ورجالًا على حدٍّ سواء.
أعط أي امرأة عاقلة رجلًا قويًا أمينًا مثلما وصفت ابنةُ شعيب (ع) النبيَّ موسى (ع) بالقوي الأمين، الذي يمتلئ أخلاقًا وعفّةً وإيمانًا. سترَ عليها من الرجال وسقى لها الماءَ، وكان سندًا لها وجلبَ النارَ ليدفئها في ليلةٍ شديدة البرد. فأنا أظن أن ما يطلبه نساءُ اليوم ويعتقد الناس أنه كثير – ولعله كذلك – هو من خوف المرأة من المستقبل، وأن الرجل الذي اختارته قد لا يكون “رجلًا” بعد كل النصب والتعب والوقت.
كلُّ امرأة تعرف أن الرجل الساعي يغنيه اللهُ من فضله يومًا ما، وهو وعدٌ غير مكذوب من رب العالمين حين قال: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِه}، وقال أيضًا: {إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.
وسيم، غني، مرح، طويل، رومانسي، وبقية الكلمات العذبة، هي صفاتٌ يمكن أن ترميها كل امرأة جانبًا في مقابل أن يحترمها ويقدرها ويعينها، ويَستيقظ صباح كل يوم يطلب الرزقَ من ربِّ العالمين، فإذا حصل على ما يكفيه شاركها إياه ليبنيَا أحلامهما سويًا. يكفيها أن يكون رجلًا قوَّامًا ساعيًا في ما تحتاجه الحياةُ الزوجية من شؤونِ الإدارة والرعاية، لا يأخذ من مالها إلا ما طابت عنه نفسًا.
أعطِ المرأةَ رجلًا لا يحولها إلى كميةٍ وكومة محسوبة من اللحم والعظم، مهملة وخالية من كلِّ السمات الشخصية والإنسانية المستقلة، وخذ منها الذهبَ والفضة والحفلات، وحتى المهر، إلا ما تحل به عند الله. أعطِ المرأةَ رجلًا غير خوّان، لا ينظر ولا يشتهي أنثى غيرها، وخذ منها الذهبَ والمال. أما إذا ما أعطيتها خشبةً مسندة، فسوف تطلب ما استطاعت من المال.
بكل ثقة، جد لي رجلًا، أو ما يقرب منه تقول له امرأة لا أقبلك زوجًا، حينها سوف أقولُ لها: أنتِ جُننتِ وستندمين، ولاتَ حينَ مندم. {والطيّبَات} من النساء {لِلطَّيِّبِينَ} من الرجال، {وَالطَّيِّبُونَ} من الرجالِ {للطيبات} من النساء، حيث التناسب في عقيدة وأخلاق الطيبين، يجعلهم مناسبين للاتي يملكن المواصفات نفسها، وكذا يكون كل شكلٍ لشكله إلفًا!