حينما سُئلتْ ابنتي «ليليا» وهي الطالبة في المرحلة المتوسط عما تتمنى أن تكون عليه في المستقبل، أجابت بأنها تود أن تعمل وزيرة تعليم، الحقيقة أنني عجبت أول الأمر من سقف هذا الطموح العالي واحتجت لفترة من التأمل لفهم الأمر.
هكذا انتقل الحديث إلى المخاوف المثارة حول لقاح كورونا الجديد، والنتائج غير المرضية لنادي النصر في الدوري، وكذا الجنازة المهيبة لفقيد الكرة الكبير ديغو أرماندو مارادونا، إلا أن إجابة «ليليا» كانت مستولية على الذهن، بحيث لم تكن لكورونا والنصر ومارادونا درجة مقبولة من الاهتمام، سألتها بعد شيء من الصمت عن تلك الأهداف التي تود تحقيقها حينما تصبح وزيرة، فأجابتني باختصار: حالما أصنع المتعة في التعليم سأصنع حب العلم في الطالب، وهو أول بذور الإبداع.
تعتقد «ليليا» أنَّ أهم ما ينبغي السعي لتحقيقه في التعليم هو خلق المتعة، بمعنى أن يتغير أسلوب التعليم إلى أسلوب ترفيهي، يمنح الطلاب القدر العلمي المطلوب دون أن يتملكهم من ذلك أي مستوى من الضجر والملل، مادة التاريخ التي تستعرض أحداث الحروب العالمية والدول المتعاقبة وغير ذلك يمكن أن تتحول لمادة يشاهد فيها الطلاب أفلاما سينمائية تعرض كل تلك الأحداث بشكل تشويقي ممتع، يمنحهم بالإضافة إلى القيمة العلمية، مستوى من المتعة والترفيه.
والحال هو الحال في المواد العلمية التي يمكن أن يتم تدريسها بشكل يميل إلى التجربة أكثر منه إلى الجانب النظري، بحيث يستطيع الطالب أن يفهم المغزى الحقيقي لتعلم هذه العلوم، عوضا عن أسلوب التلقين الذي يجعل الطالب في أول يوم إجازة بعد نهاية الفصل الدراسي ينسى تماما ما تعلمه أو يقترب من ذلك، كل ذلك ما كان ليكون لولا أنَّ أسلوب التعليم كان يفرض على الطلاب أمورا بعيدة عن الهدف الحقيقي منه، وهو طلب العلم، لأجل العلم، لا لأنه وسيلة للحصول على مكاسب معينة.
نشرت جامعة كلير مونت الأمريكية، إحصائية أشارت إلى أنَّ التعليم بالترفيه استطاع رفع مستوى تحصيل الطلاب بنسبة 85 في المئة في المواد التي تحتاج لتركيز عالٍ، كالرياضيات واللغات، والحقيقة أنَّ الإنسان بطبعه وبغض النظر عن مرحلته العمرية، ميال غريزيا للترفيه، كما قال نيتشه «في داخل كل منا طفل يتوق للعب»
من هنا فإنني أُشاطر ابنتي «ليليا» الرأي وأتمنى أن يتم تطوير أسلوب التعليم إلى أسلوب أكثر متعة وجاذبية للطلاب، بحيث يخلق فيهم الحب الذي لا شك أنَّه الدافع الأكبر للمزيد من الإبداع والتحصيل العلمي.
المصدر: آراء سعودية