في كلمته ليلة الحفل الموسمي التكريمي لنادي مضر بالقديح حضر الكابتن حسن الجنبي قائد المنتخب الوطني السعودي وفريق مضر لكرة اليد كأفضل ما يكون الحضور، وظهر بموهبة أخرى لا تقل شأناً عن تألقه في الملاعب حضر وشد معه الجمهور متنوع الثقافات بإلقائه الرائع وحديثه المفعم بالألق والجمال وأسهب بلغة عربية فصحى مدهشة تنم عن ثقافة واطلاع دون توقف أو تلجلج، فلم يكن أقل من أديب بارع أو محاضر محترف، وهو يخوض في مختلف المواضيع من الرياضة والاجتماع والانتماء والقيادة إلى غير ذلك، وكان يربطها بخفة وسلاسة وانسيابية كانسياب الماء في الجدول وهو يسقي الزرع وقت الصباح وأصوات الطيور تغرد معلنة شروق شمس يوم جديد، ومولد جنبي جديد.
هذا الإنسان يغريك ويجبرك على احترامه، وأن تضعه مثالاً أمام الشباب وهم في مقتبل العمر ليحذوا حذوه. هذا الإنسان الذي تربى نصف عمره أو يزيد وهو يتيم الأب ليبني نفسه وهو يستند على كتف والدته ويتغذى من حنانها، ويستلهم منها الاستقامة والمقاومة والصبر، بعدما اشتد عوده ليكون رجلاً قبل الأوان، وإنساناً ملتزماً منتمياً لبلدته ومجتمعه وموظفاً مكافحاً في أرامكو كبرى شركات الوطن، في وقتٍ وجد فيه نفسه يمارس الرياضة فيتألق بسرعة البرق ليكون على رأس ذلك الفريق الذي لفت الأنظار حتى وصلت سمعته للعالمية ولاتزال تدوي وتغني باسمه واسم فريقه البرتقالي وليستحق قبلها أن يكون قائداً للمنتخب الوطني السعودي.
وهو الآن وقد تعدى الثلاثين مازال يمتطي الطموح ليكون أفضل ويرى فريقه وفريق بلاده بشكل أكثر حضورًا وتألقًا، رغم لعنة الإصابات التي تلاحقه ولا تفارقه وكأنه ليس وراءها سواه.
كم نفخر بهذا الحسن الجنبي وكم نتمى أن يكون شبابنا على شاكلته، وأن يحاولوا اكتساب الثقة في أنفسهم باكراً، وينطلقوا للحياة، اجتماعياً وثقافياً ورياضياً، ويخالطوا مختلف الشرائح العمرية وينخرطوا في الفعاليات المختلفة، وأن ينمّوا مواهبهم ويأخذوا ممن سبقهم ومن والديهم وأقاربهم أو أبناء جلدتهم ما ينمي مداركهم وذواتهم ويوسع في ثقافاتهم ويربي أخلاقهم وحسهم الوطني والمجتمعي.
لابد أن يكون للإنسان وجوداً ذاتياً متفرداً، ويضع نصب عينيه أن يكون هو وليس أحداً آخر، أن يصنع نفسه بنفسه مستعيناً بالعزيمة والإصرار، مستمداً العون من الله متبعاً لأوامره ومنتهياً عن نواهيه، وينطلق للحياة بمعناها الحقيقي، وليس حياة الترف والعبث ، إنما حياة المعنى والحقيقة، حياة الروح الراقية والباقية. الحياة التي يحتاج أن يتربى فيها تحت مجهر السلامة الدينية والدنيوية منهجاً وسلوكاً، وأن ينمو تحت رعاية العلم والمعرفة والفكر السليم، ومن ثم ينطلق لمختلف مشارب الحياة القويمة، ليكون بعدها هو هو بذاته لا بذات أخرى، وليضع بصماته على الطرقات التي يسلكها ويزرع على جوانبها تألقه وتميزه، مهما كان هذا التميز، رياضياً اجتماعياً ثقافياً أو غير ذلك، وأن يمد عمره بامتدادها، بمعنى إيصالها من بعده لآخرين، وأن يعلم مما تعلم، حتى تطول به الحياة وإن انقضى عمره، فالأعمار لا تتوقف وإن توقف ابن آدم عن الركض.