التعاون خيار أم حاجة؟

التعاون في اللغة يعني المؤازرة، واجتماعيا يعني أن شعورا داخليا لدى الإنسان يدفعه لإدراك أنَّ عاقبة أفعاله ينبغي أن تكون إيجابية على المجتمع، وبالتالي يعمل دائما على تحقيق أعلى ما يمكن تحقيقه من منفعة للآخرين.

لماذا لا يرمي هذا الشخص شيئا من النفايات في الحديقة؟ لأنَّ فكره التعاوني يجعله يدرك أنَّ عامل النظافة سيعاني متاعب التنظيف، لذا يتعاون معه من خلال هذا السلوك، لماذا يشتري من بقالة المواطن السعودي البسيط؟ لأنَّ فكره التعاوني يجعله يدرك حاجة هذا المواطن للمزيد من الدخل، إذن حالما يتحلى الإنسان بفكر التعاون فإنَّ عينه ستكون بصيرة على كل ما يعود بالنفع على مجتمعه.

يمكن الادعاء بأنَّ نسبة من المشاكل التي يعاني منها مجتمعنا تعود في أحد جذورها إلى غياب فكر التعاون، لو تأصل هذا الفكر لدى الموظف السعودي البسيط، لَدَعَمَ أخاه المواطن، في البحث عن عمل داخل المنظمة، لو تأصَّلَ هذا الفكر في رجل الأعمال لدعم مشروع المواطن البسيط وقدم توظيفه على غيره، إن كان الأجدى اقتصاديا، لو تأصل في المعلم لبحث عن معوقات تفوق الطالب وأسهم في معالجتها.

يقابل هذا الفكر على النقيض تماما مفهوم الأنانية، هذا المفهوم الذي يعني ألا يكترث الإنسان بمجتمعه وبمن حوله في شيء، لا يهمه أن يفشل مبتدئ في مشروعه، أن تملأ البطالة من حوله، أن ينحدر المستوى التعليمي لأبناء مجتمعه، الحقيقة أنَّ هكذا فكر حينما يتمثل في شخص فإنَّه لا يدرك أنَّ مصيره أو مصير من حوله سيكون مثل الآخرين إن لم يكن أسوأ، وأنَّ الكرسي القوي الذي يجلس عليه في المركب لن يحميه حينما تغرق السفينة.

إنَّ التعاون ليس خيارا لأحد، إنَّه حاجة ماسة لتجاوز شتى أنواع المشاكل، وفي تصوري أنَّ نسبة التعاون التي يتحلى به أفراد المجتمع هي بنسبة غير قليلة تمثل نسبة تقدم هذا المجتمع وتجاوزه للكثير من المشاكل التي تواجهه.

حالما يعي المربي أهمية التعاون، فإنَّه سيسعى كثيرا في زرعها في أبنائه ومن حوله، المربي هنا هو الأسرة، هو المعلم، هو الواعظ، هو كل صاحب فكر وقلم، كل هؤلاء مسؤولون عن زرع وتنمية هذا الفكر في أبناء المجتمع، وحينما يقوم كل هؤلاء بدورهم كما ينبغي، فلربما نقترب من نسيان الكثير من المشاكل التي تعاني منها مجتمعاتنا، وسننعم بلا شك بالكثير من أسباب التقدم.


المصدر: آراء سعودية



error: المحتوي محمي