كثيرٌ منا يتلذذ بنظرة الاعجاب التي تصل إليه من الناس من مايرتديه ويقتنيه ويوزعه ويقدمه وغيره من الأمور وهذه طبيعة بالانسان أنه يحب الظهور ، لهذا غدت ظاهرة التصوير لكل شيء أمر لا يخلو منها بيت بالخصوص لمن يدخل عالم السناب شات .
وبحلول شهر رمضان تنقلب وسائل التواصل وبالخصوص السناب الى موائد وأكلات متنوعة وعديدة جدا قد ترى فيها أدق التفاصيل والتي يُتخم البطن من مجرد النظر إليها.
أنا أعترف إني حديثة عهد بهذه الوسيلة التواصليه والتي يُعد موسم شهر رمضان هذا العام أول موسم لي معها ،وحتى لا أنجّر للسائد فيه معها أطلقتُ من البداية تحدي لنفسي فيه أني طيلة هذا الشهر لن ألتقط أي صورة للأكل بتاتاً ودعوت الاصدقاء لمشاركتي التحدي وحصلتُ بحمد الله على مُشارِكة شجاعة قبلت التحدي وإعدّها نعمة كريم.
وكانت قد سألتني أحداهن ماالفلسفة من ذلك ؟ لماذا الأكل بالذات ؟
واقعاً كان لدي فلسفة بالإضافة إلى كونه تحدي للذات التي تحب أن تُري العالم إبداعاتها في المطبخ ومقدار الأكلات التي تستطيع إعدادها وكم أن سفرتهم عامرة بما لذ وطاب .
فقد كان السبب أني وضعت يوما ما صورة لحلوى مفضلة لدي لم يكن مغزاي في وضعها هي نفس الحلوى بقدر ماكان مُرادي التعليق الذي كُتب عليها بما معنى أننا لا نرى الواقع جيداً بما تعكسه حلاوة الصورة ، لأنها لم ترق لي.
الألم جاء من أن أحدى الصديقات علقت ولو بطريق المداعبة أنها لم تنل حصتها وهي تعد جارة لي أيضاً.
لا أعلم لماذا غاب عني هذا الأمر ، والأعظم كيف لم أنتبه لقول رسول الله (ص): ” من أكل وذو عينين ينظر إليه ولم يواسه ابتلي بداء لادواء له ” ، فهل نضمن من أنه لايوجد هناك جائع ينظر لصور أطعمتنا اللذيذة ويشتهيها في ظل الظروف الصعبة لبعض العوائل الفقيرة التي قد لا يكون هناك مجال للتلذذ والتنوع بالأكل فيها .
أعجبتني عبارة بأحد الحسابات تقول “والله لو الفقراء يصورون سفرتهم الخالية لندمتم انكم صورتم سفرتكم المملوئه يوما من الأيام “.
والأدهى أن تكون نهاية السفرة المملوئة بالطعام هو أقرب نفاية تتغدى عليها القطط ولا نعلم أن كان هناك من الجيران من سيبحث فيها عن مأكل يسد جوعه وجوع عياله .
كان سابقاً الاطباق تتوزع على الجيران والكل يتذوق طعام جاره ، الآن اذا لم تندثر فهي قليلة وربما تكون مخصصة للأثرياء أكثر من الفقراء للأسف، بالإضافة الى وصول الصور دون الأطباق بكل بيت.
هنا لابد أن أذكر أن الفيلم القصير لفرقة العمران الفنية “فاز المخفّون” أثّر بي ودعاني للكتابة بهذا الموضوع لان مشكلتنا ليست بالتصوير فقط مشكلتنا بالأسراف الذي يجعل عبارة رمضان كريم شمّاعة تبرر أسراف البعض الذي ينسى أن كرمه مفترض صرفه لمواساة الفقراء والمساكين في الشهر الذي يصومه ليستشعر جوعهم وألمهم فيه.
لهذا من المهم وضع قول أمير المؤمنين عليه السلام نُصب الأعين”ماجاع فقير إلا بما مُتع به غني”
فلو تعودت كل مصورة ومصور للطعام بدفع مبلغ رمزي كحد أقصى خمسة ريالات للمساكين عن كل صورة يضعها بأي برنامج أظن أننا سنحصد آخر الشهر مبالغ طائلة تُشبع الجوعى بالعيد.