كثيرة هي الأسئلة التي تبادرت إلى ذهني قبل وأثناء كتابة هذا المقال. أسئلة محيرة، كانت ومازالت منذ سنوات تبحث عن إجابات شافية. أسئلة مؤلمة، تماماً كما لو كانت طعنات عميقة في خاصرة الحقيقة.
الأسئلة كثيرة وكبيرة، توحدت في العنوان أعلاه: ماذا تُريد قطر؟، ولكنها تستحق أن تُكتب/ تُكشف، رغم قساوتها ومرارتها: هل ثمة سياسات واضحة وقناعات ثابتة تتبناها قطر أم هي ممارسات طائشة وتحولات غامضة؟، ما هي طموحات وتطلعات وخيالات قطر التي تُعانق سقف الريبة؟، قطر، هل يهمها أمن وسلامة واستقرار هذا “الخليج” أم أن الأمر لا يعنيها، وكل ما تفكر فيه هو تحقيق أحلامها المستحيلة؟، لماذا تحتضن قطر الجماعات والحركات المشبوهة وتُقدم لها الدعم والتمويل؟، أي دور خطير تقوم به قناة الجزيرة وهي الذراع الإعلامية القطرية المثيرة التي تُمارس دوراً تحريضياً مشبوهاً؟، لماذا يستميت البعض منا في الدفاع عن سياسات قطر؟
يبدو أن “التسريبات” -وهو التوصيف الأكثر دقة لتلك التصريحات الصادمة- قد وضعت كل النقاط على كل الحروف، ولم يعد الأمر يحتاج للكثير من التأويلات والتفسيرات التي تُثار كلما غردت قطر خارج السرب.
هذه الزوبعة التي كدّرت صفو العلاقات التي كانت تُعاني أصلاً من المد والجزر، وما نتج عنها من تداعيات وتموجات خليجية وعربية وعالمية، ليتها تُمارس الصدمة لقطر لكي تُعيد حساباتها ومواقفها وقناعاتها، وتبتعد عن ممارسة هوايتها المفضلة وهي “اللعب بالنار”، وأن تكبح جماح قناتها المشبوهة التي كانت ومازالت “رصاصة طائشة” في قلب الحقيقة.
مسلسل التجاوزات والمشكلات التي تفتعلها قطر منذ عقدين تقريباً، أشبه بمسلسل مكسيكي طويل حدّ الاشمئزاز، آن لحلقته الأخيرة أن تطل بسرعة لتُعلن نهاية مرحلة التيه القطري.
قطر، الثغر الخليجي الجميل الذي يحمل ابتسامات المحار وأهازيج اليامال وبحة النهام. قطر، الفجر الذي فضح سواد الليل ليُبشّر بألق الشمس وروعة النهار. قطر، الحلم الذي حطم كل تعريفات وتوصيفات الطموح والنبوغ. تلك هي قطر التي نعرفها ونعشقها، وليتها تؤمن بذلك، وتتخلى عن كل أوهامها ووساوسها.