اسمحوا لي هنا والساعة تشير إلى تمام الصبر والرضا، أن أبعث بتحية احترام وتقدير لبعض القراء الذين أدين لهم بالكثير، بل أصبحوا يشكلون عائلتي الثانية باحتضانهم لي صوتاً وقلماً.
ولأنني متقاعدة أحاول أن أملأ وقتي بكل ما هو مفيد بدلاً من الثرثرة والحسرة على الماضي وانتقاد ما هو آت، أعتقد أن المبرر الرئيسي لهذا الأمر هو احترامي واهتمامي لمعنى الوقت، فأنا حالي مثل الكثير الكثير من الناس الذين يحترمون الوقت جداً، مع تواجد بعض العزيمة والإصرار التي تسهل أمور الحياة مهما كانت صعبة.
تستوقفني بقايا تجاوزات وفضول البعض: لماذا لا أستمر في الكتابة بصورة دائمة؟ ما يهمني في كتاباتي ليس ما أكتبه ولكن كيف أكتب! هل أقول إنني موجوعة بما يحدث من أحداث هنا وهناك، حيث أكتب بحجم الوجع الذي يداهمني! وإن الأحداث هنا غير متكاملة او مترابطة، إنها تتجاور ليس إلا بسبب الوباء! مدركة أن القلق ينتج الأدب اليسير والرديء وأنا أسأل نفسي: متى ستنتهي هذه المأساة لأوظف الحديث حول بعض التجارب والحكايات من أوجاع ومعاناة البعض، وقد تتجلى ذاكرتي في نبض حكايات 2020!
يا لهذا الوباء الذي استنزف حياة الكثير وصحة الأكثر ولم يذهب عنا بعد! غموض عميق يغلف وجوده المنتشر الشرس بالكون! متى ننعم بالراحة والطمأنينة! لقد عشت عام 2020 نفسياً قبل أن أعيشه أدبياً، وهذا يعود بي إلى السؤال المطروح أعلاه، لماذا لا أستمر في الكتابة بصورة دائمة؟ فأنا لا أكتب دائماً عن تجربة أو معاناة شخصية ولم أتفرد في قلقي على ما يحدث.
لقد تألمت وتأثرت بنفس الكم والقدر الذي تألم وتأثر به معظم البشر، فمن الطبيعي أن تنعكس تلك الأحداث على كتاباتي ومشاعري، والتي تبدو واضحة على ملامح حروفي ولكن سيبقى الإيمان سيد الموقف.
لا أزعم أنني لم أنزعج مما يحدث مع هذا الوباء الشرس، فقد انزعجت معظم عام 2020 أو بعضه، لما فقدت من أحباب ومما أسمع عن المرضى! ولكن هذا الانزعاج اصبح انتشاءً عذباً وخدراً روحيا حين أدرك أنه ابتلاء سماوي وعلينا التحلي بالصبر مع الحذر!
وحتى نكون عادلين هناك قائمة نمارسها يوميا تجعلنا نشعر أننا ما زلنا بخير، وأقدس ما نقوم به في الحياة ممارساتنا اليومية، صلاة الفجر ما زلنا نقوم بها مع بقية الصلوات ولا يزال كتاب الله على مسامعنا، لدي في أحد أركان بيتي جهاز تلاوة على مدى 24 ساعة من خلاله استمع لآيات الله الكريمة لتهدأ نفسي، وعلى أحد الجدران ساعة من خلالها استمع لصوت الحق الله أكبر عند موعد الصلاة وبعض الأدعية!
نعم أتباهى وأفخر بذكر الله دوماً معي، وهذا سر سكوني، وماذا بعد!! هناك الكثير من النعم لا يمكن نكرانها نسعد طوال الوقت بين العائلة والتواصل مع الأحباب والأصحاب بحديث وحوار مريح وإن كان عن بعد! وأيضاً بين حين وآخر نسعد بقراءة كتاب مفيد وممتع في وقت هادئ وجهاز الكمبيوتر نتصفح هنا وهناك!! أما عن قهوتي مع بخارها المتصاعد ورائحتها المنعشة فتجعل مزاجي اليومي له طعم وقيمة.
كل شيء له نهاية وهنا كل ما أريده أنا، أن يتعافى وطني من هذا الوباء لنكون في حضنه جميعاً أصحاء.