تعليق على «فن التعامل مع الجنس الآخر» للكاتبة آسيا آل عمران

إن العلاقة الزوجية بين الزوجين لها ديناميكية تتسم بها، وتتضمن الكثير من الدهاليز التي تحتاج إلى التوقف عندها ومناقشتها، وما التفاصيل الصغيرة إلا الحدود التي تجعل الدائرة تتماسك أثر، وبدونها تترهل الدائرة وتنفرط سبحتها.

في الإصدار الذي جاء بعنوان “فن التعامل مع الجنس الآخر”، الذي بزغ للضوء، من بنات أفكار الكاتبة آسيا آل عمران، تترجمه بأصابعها أحرفًا، تأتي بمثابة القيمة في العلاقة الزوجية، لتقف على معظم المحطات، تصففه بخصلات الوعي، والتوجيهات التربوية، وسيكولوجية المعنى، في حالة اللا معنى، لترسم المعنى في حلته الأجمل، ورغوته في انعتاق الفل والياسمين.

هنا، لا أريد – تواضعًا – مناقشة حيثيات ما أبصرته، وشعرت به، لتهتز خلجات قلبي، ويترنم عليها جسدي، في ارتعاش المعاني الحُبلى بالأنثى، وطراوة وجودها في حياة الرجل.

اتجهت “آل عمران” من خلال طرحها إلى الإيجاز المفعم بالثقافة، اختزالها في بضع كلمات، لتعطي القارئ أريحية، تفصيل المعنى على مقاسه، ومقاس زوجه، ليؤطر ما يريده، وكيف يريده؟

جاءت في هذا التعامل الذي اعتبرته فنًا، وماهية الفن أن تصل إلى ما تريده بثقافة أيضًا أن يأتي الوصول كلوحة فنية، حين ترسمها بريشتك وتبصرها بعد الانتهاء منها، أرني، وعند قراءة الإصدار كأني أمام لوحة فنية، أرسمها بأناملي، وأبصرها بعيني، أو أراها لوحة، رسمتها أصابع لا أعرف ملامحها، إلا أنها تشبه ملامحنا، وتشبه متعة العينين، وارتعاش الظل، أراها أمنيات الكثيرين.

لقد استطاعت أن تنبش خفايا العلاقة الزوجية، ومقوماتها، وطراوتها، والسر في نجاحها، والأثر والمؤثر، لتقف باتجاه زيتونة المغزى، لتثريه بذائقة المهندس الذي ينقب عن شيء، يجد الحياة عبر ترابه، وعرق جبينه.

نعم، قد يظن البعض أن ما ورد في الإصدار من المثاليات التي لا تتوافق مع الواقع، ولا يمكن تطبيقها على الواقع في الحياة الزوجية.

إنها ليست مثاليات، إنها تتسم بالواقعية، ولكن تحتاج إلى مفتاح، يفتح لها الشرفة، لتهطل مطرًا.

من وجهة نظري المتواضعة، أجمل ما جاء في الإصدار، والذي يمثل البوصة، لكل الأشياء بعده، هي الكلمة.

وعليه، السؤال الذي يطرح نفسه مفاده: “هل للكلمة فاعليتها، لتغير حتى المشاعر والأحاسيس، الأفكار، أن تدير العلاقة بين الزوجين، ناحية الضفاف الخضراء، وحنين اللقاء؟”.

أعلم الآن يا قارئي، قد ينتابك التساؤل، كيف للكلمة أن تقدم كل هذا، لأهمس في أذنيك بأن الكلمة، هي البيئة الخصبة، لفاعلية كل الأشياء، التي تأتي، تباغًا، لكل ما تتطلبه العلاقة الزوجية، من نافذة ما يقوله الفلاسفة: إطلاق الجزء، وإرادة الكل.

إن الكلمات لها وهجها الدافئ، كأنها حبات السكر، إذا ما تساقط وميضها على قطرات الماء، في كأس، فلا تكاد تفرق بين الماء والسكر، وهذا إن دل على شيء، فإنه يدل على عنفوان الانغماس بينهما، لهذا من الكلمة، ينصهر الزوجان بكل ألوان حياتهما، ومسافاتها، ورغوة ظلها.

إن لطبيعة التربية، كذلك البيئة الجغرافية، أثر في كيفية التعامل بالكلمة، فالمجتمع الذي تكون من سمته الكلمة الراقية، وجمالية البخر وزرقته، وحائق العينين، التي تتسم بعشبية الطبيعة، وألوانها الزاهيات.

وعليه، أرادت الكاتبة آسيا آل عمران، عبر إصدارها، أن تدلل أن الكلمة الطيبة والحنونة، الكلمة التي تدخل قلب الرجل، وقلب المرأة، وتمشط شغافه، هي السبيل إلى حياة زوجية مفعمة بأبجدية الحب، ودعابة قوس قزح.


error: المحتوي محمي