تحدوا ظروفهم، وتجاوزوا عقبة “الإعاقة”، متجهين نحو أهدافهم بخطوات ثابتة، فهم يؤمنون بأن الإنجاز لا يحتاج كامل أعضائهم، هو فقط يحتاج الإرادة، ولأن النجاح كان غايتهم، وصلوا إليه وهم متشبثون بالإصرار، ليرووا قصص نجاحهم في لقاء “للإرادة عنوان”.
ونظم اللقاء هاني المعاتيق ضمن برنامجه “استضافات متعددة” على منصة “إنستجرام” يوم الأربعاء 18 نوفمبر 2020م، مقدمًا أربعة نماذج لشخصيات من أصحاب الإرادة، ممن تغلّبوا على العقبات وحولوها إلى إنجاز، متسلحين بالتوكل على الله.
وبدأ المعاتيق لقاءه بضيفه منار منير الصغير المنحدر من جزيرة تاروت المتخرج في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بتخصص علوم الحاسب الآلي ويعمل موظفًا بشركة أرامكو وأحد مؤسسي مجموعة الكود المتخصصة في عمل تطبيقات الهواتف الذكية وهو صاحب مشروع طباعة ومجسمات ثلاثية الأبعاد وله ثلاثة تطبيقات ومن بينها تطبيق المسافرون.
وسرد الصغير قصته مع التحدي قائلًا: “إعاقتي الحركية لم تُسبب لي الإحراج إطلاقاً ففي عام 2002م، وبعد إجراء عملية في ظهري لوجود ميلان بالعمود الفقري، وبسبب غير واضح عانيت من مضاعفات تأثر فيها الحبل الشوكي، وفقدت القدرة على تحريك رجلي وكان عمري آنذاك 17 عاماً”، مضيفًا: “كانت هذه الصدمة والمفاجأة المؤلمة هي النقطة التي غيرت مجرى حياتي فتساءلت؛ بعدما كنت أسير على قدمي كيف سأكون عاجزاً عن المشي وسيرافقني الكرسي المتحرك طوال حياتي، ومررت بالبداية بمرحلة عدم التصديق وبعدها فترة الاقتناع وهنا شعرت بأزمة نفسية ولكن كان والديّ هما الداعم لي واستطعت أن أتخطى هذه المحنة عندما بدأت أفكر بعقلانية وأضع عدة خيارات كمحاولة مني لتخطيها”.
وواصل حديثه: “وبفضل الله ثم أهلي تعايشت مع هذه الإعاقة وتوصلت لهذه القناعة وقررت أن أبدأ حياة جديدة وألا أستسلم، واتخذت قرار مواصلة الدراسة في نفس المدرسة التي كنت ملتحقًا بها، وكانت المدرسة غير مهيأة لظروف إعاقتي ولكن لتقبلهم ذلك قمت بتهيئة المدرسة بما يتناسب مع وضعي وكنت وقتها في الصف الثالث الثانوي”، مشيراً إلى أن تقبل المجتمع له دور كبير في تخطي العراقيل.
وتحدث عن أبرز هواياته التي يعشق ممارستها وهي سباق السيارات والسفر، لافتًا إلى أن الإعاقة ابتلاء من رب العالمين وعلينا تجاوزه، وتطوير الذات أمر ضروري للمواصلة والنجاح.
واستطاع الشاب حسن محمد الرميح، ابن مدينة سيهات البالغ من العمر 13 عاماً، أن يُثبت موهبته وقدراته ويتفوق بجدارة، حيث إنه ولد بقصر في الأطراف العلوية والسفلية وتجاوز مرحلة صعبة بعد ولادته حيث استمر بقائه في المستشفى لمدة ستة أشهر بسبب نقص في الصفائح الدموية، وانطلقت مسيرته بالحياة
وروى حكايته قائلًا: “عندما اندمجت مع المجتمع بعد التحاقي بالمدرسة بدأت أشعر أني مُختلف فشعرت بالنقص لأنني لا أستطيع أن أمارس اللعب كبقية الطلاب وخاصة اللعب بالكرة، لكن مع مرور الأيام تغير إحساسي وتكيفت مع وضعي”، مضيفًا: “لقد كان لوالدتي دور فاعل في إبراز موهبتي فمنذ أن بلغت من عمري السنة الثانية والنصف بدأت بملاحظة قدراتي وتعليمي القراءة من خلال قراءة القرآن الكريم وبعدها تدريبي على استخدام الحاسب الآلي”.
واتجه بالحديث عن مواهبه وإنجازاته حيث قال: “لقد تعلمت البحور الشعرية وكذلك تعلمت النحو والصرف على يد والدي كونه معلمًا للغة العربية فهو لم يُقصر معي في توسيع مداركي، إضافةً إلى قراءة التاريخ وعقد جلسات عائلية للمناقشة والتجويد وحب الإلقاء والأناشيد”.
وأضاف أنه استطاع أن يجتاز اختبار الموهبة والحصول على أعلى درجة في المنطقة الشرقية وتأهل لاختبار التسريع ونجح بذلك، وتم تسريعه من الصف الرابع الابتدائي إلى السادس، وكذلك شارك في الأولمبياد الوطني للبحث العلمي والابتكار.
واختتم حديثه بقوله: “كل مرحلة في حياتي استطعت تجاوزها باستعانتي بالله أولًا ثم بمساعدة والديّ وأخي، وأيضًا شخصيات من المجتمع احتوتني ووقفت بجانبي وقامت بتقديمي للمجتمع لأثبت قدراتي وأؤكد أن الإعاقة لا تمنع من الوصول للمراكز الأولى”.
وخاض الشاب علي حسين آل ثنيان المنحدر من جزيرة تاروت تجربة مكافحة تغلّب فيها على الآلام وحصل من خلالها على جائزة إصرار، حيث عانى من وجود عيب خلقي لديه وحالة نادرة ومشكلة في الكلى وصلت إلى تعطلها عن العمل، وقد تم اكتشاف تلك المشاكل منذ فترة الحمل به ومع ولادته واجهته مشاكل في الكليتين وفي عام 2002م تم زراعة كلى له وبعد تسع سنوات وتحديداً في عام 2011 عاودته الآلام فدخل المستشفى لغسيل الدم ثم دخل للعناية المركزة بسبب ارتفاع في ضغط الدم ليقرر الأطباء زراعة الكلى الثانية له في عام 2012.
وذكر آل ثنيان أنه أجريت له عملية زراعة الكلى للمرة الأولى عندما كان في الصف الثاني المتوسط من المرحلة المتوسطة في فترة الإجازة الصيفية وللمرة الثانية بعد تخرجه في كلية الجبيل الصناعية، مشيرًا إلى مشاركته في عام 2015 بسرد قصته ليحصل على جائزة إصرار من هدف.
وتابع قائلًا: “لقد انخرطت في العمل لأكثر من وظيفة وغيرت مجريات الوظيفة بعدة شركات من استخدام الورقة والقلم إلى العمل الآلي وكذلك عملت خطة من الصفر إلى آخر خطوة في مركز إثراء، حيث إن المركز يضم 350 جهازًا لزوار المعارض ولا توجد نسخة احتياطية إذا حدث عطل وقمت بتنفيذ الخطة والعمل على ذلك لجميع أنظمة التشغيل، إضافةً إلى تصميم تطبيق الراية الذي يهتم بنشر إعلانات المآتم الحسينية والفعاليات الثقافية”، مؤكدًا أن الابتلاء يصنع الإرادة والقدرات والإنجاز.
وتمثلت المحطة الأخيرة في حكاية البطل الدولي محسن أحمد آل إسماعيل المنحدر من العوامية والذي لم يستسلم للإعاقة وتفوق بذكائه وجسده.
نوه “آل إسماعيل” بأنه ولد بشكل طبيعي لا يُعاني من أي مشكلة صحية أو إعاقة وعند بلوغه السادسة من عمره أصيب بشلل الأطفال وأصبح لديه شلل كامل وبدأت المعاناة والاغتراب مع رحلة العلاج الطبيعي.
وأكمل قائلًا: “لقد ذهبت للرياض وعمري ثماني سنوات وبقيت فيها سبع سنوات واستطعت خلال هذه المدة أن أتجاوز الكثير وتحسنت إعاقتي وبقيت فقط مشكلة الأطراف السفلية وعدم مقدرتي على الوقوف والمشي”.
وتابع: “لقد كنت مميزًا وأنا على الكرسي المتحرك ولم يمنعني ذلك من الانخراط في المجتمع وقد كنت المبادر في تكوين صداقات مع الآخرين،” منوهًا بأن للأهل دورًا في الانطلاق للمجتمع.
وكشف عن بطولاته قائلًا: “جميع البطولات التي حققتها كانت عن طريق موقف، حيث في أحد الأيام كنت برفقة أصدقائي بالشارع وأثناء ذلك مر مدرب جزائري ومعه لاعب من المعاقين وقدم لي رقم الجمعية التي تتبنى المواهب ومن هنا بدأت شرارة النجومية ،منوهًا بأنه حصل على بطولة ألعاب القوى لتسع سنوات، وصار بطلًا في السباحة منذ عام 2011 وحقق المراكز الأولى على مستوى المملكة لعشر سنوات، وكذلك حطم الرقم القياسي في الغوص وهو من هواة تسلق الجبال “الهايكنج”، ولاعب المنتخب السعودي لكرة السلة ،إضافة. إلى أنه أسس فريق رياضة البوتشيا التي تهتم بمصابي الشلل الرباعي.
ووجه “آل إسماعيل” رسالة لجميع أفراد المجتمع بأن وضع الأهداف مع الإصرار والتحدي يجعل الإنسان قادرًا على تحقيق النجاح والتميز والاستمرارية وعدم جعل الإعاقة تُعيق الأهداف”.