حادثة تمزيق الكتب ونثر أوراقها في الطريق التي حدثت في إحدى المدارس في واحدة من مناطق المملكة شغلت الرأي العام مؤخراً وتناقلها الناس في المجالس كما تناقلتها الصحف ووسائل الميديا المختلفة، ولعل قرار الوزير بإقالة قائد المدرسة بعد هذه الحادثة هو الجديد هذه المرة.. أما ما حصل للكتب فهي حادثة ليست جديدة بل وتتكرر كل عام حيث دأب كثير من الطلاب على فعل ذلك قبل دخولهم إلى قاعة الاختبار أو فور خروجهم منها، فيما اعتاد البعض الآخر أهون الشرين وهو أن يترك الكتاب عند باب القاعة أما أن يحتفظ بالكتاب أو يحافظ عليه ويحرص على اقتنائه وهو ما اعتدنا عليه في الأعوام الماضية فقد غدا من تراث الماضي.. فلماذا مثلاً لا تستلم الكتب من الطالب في نهاية العام ويكون ذلك شرطًا لمعرفة نتيجته بحيث تحجب هذه النتيجة في حال عدم الالتزام بشرط تسليم الكتب أو يدفع من لا يسلم أحد الكتب غرامة مالية عن كل كتاب؟
ربما لا نقول من أجل أن يعاد تسليم الكتاب لطالب آخر ينتفع به للعام التالي فقد اعتاد طلابنا أن يستلموا كتبًا جديدة كل عام رغم أن ذلك ما زال معمولاً به في كثير من البلدان حولنا، بل لصونه من الإهانة لا سيما أن معظم الكتب بالتأكيد تحمل كلامًا محترماً بل آيات من كتاب الله وأحاديث رسوله– صلى الله عليه وسلم-، فإذا لم تتم الاستفادة منها باعتبارها كتبًا فليتم تدويرها وإعادة استخدامها في صناعات أخرى وبذلك نجنبها الإهانة من جهة وعدم تحويلها إلى عبء على الجهات التي تحافظ على نظافة البيئة وسلامتها من جهة أخرى.
لكن الأهم من ذلك كله من وجهة نظري هو ما يوحي به تصرف الطلاب من علاقة سلبية بين الطالب والكتاب بل بين الطالب والمدرسة، فلو كانت هذه العلاقة إيجابية لما حصل ما حصل لأن علاقة الطالب بالكتاب والمعلم والمكان وبيئة المدرسة بكافة عناصرها تظهر في تصالح الطالب مع هذه العناصر وإحساسة بالانتماء لها واحترامها وحرصه على الاستفادة من وجوده فيها. لكن مثل هذا العمل إذا أضفنا إليه حالات الهروب من المدرسة ومنظر الطلاب ساعة الانصراف منها كل ذلك دلائل سلبية عن هذه العلاقة وهو دلالة أيضًا على أن المدرسة لم تنجح أن تكون بيئة جاذبة للمتعلم وأن إغراءات عديدة تشد الطالب إليها ليس من بينها المدرسة مما يحتم ألا نكتفي بدراسة ظاهرة تمزيق الكتب بل علاقة الطالب بالمدرسة بكافة جوانبها.. هذه هي المشكلة الحقيقية إن أردنا أن نحقق الإصلاح التربوي المنشود وأوله توثيق العلاقة بين المتعلم وبيئة التعلم.