جزيرة الألغام

أجد الأمر أكثر إلحاحاً لتكرار الحديث عن المأزق الذي خلقته وضاعفت تداعياته بإصرار بلدية القطيف من خلال مشروعها المسمى جزيرة الأسماك في القطيف، والذي سبق أن أعلنت أنه سيتم تشغيله عام 2016م.

مؤخراً أعلنت بلدية القطيف عن مشروع إلغاء دوار شارع الخليج الذي يلتقي مع جسر شارع الرياض بتكلفة تقارب العشرة ملايين ريال، وذلك لتوسعة التقاطع والطريق إلى “الجزيرة” ووضع إشارة مرورية، وهذا الرقم هو نفس تكلفة درم البحر لإنشاء هذه الجزيرة المعدة كسوق للأسماك في الواجهة البحرية بديلاً عن السوق الحالي الذي يقع بين الأحياء السكنية أيضاً منذ عقود طويلة.

محاسبياً وإضافة لتكاليف أكثر من دراسة إضافية بشأن عدم وجود مدخل صحيح للجزيرة وأخرى لإنشاء جسر جديد للجزيرة، أجد أن مبلغ العشرين مليوناً كان يمكن أن يكون قيمة أرض للمشروع في أفضل موقع مناسب كسوق للأسماك، أما إذا أضفنا على هذا تكلفة الفرصة البديلة طوال السنوات التي أهدرت على المشروع، فضلاً عن السنوات اللاحقة، فإن التكلفة سوف تكون مضاعفة.

بيئياً، سبق وأن تحدثت قبل ست سنوات في مقال بعنوان “التطبيل لفكرة غبية” ومقال آخر بعنوان “لغم جزيرة الأسماك”، ومجمل القول أن المنطقة المحيطة بالسوق صغيرة وضحلة ولا تستوعب مخلفات سوق الأسماك ولا المواد الكيماوية التي يتطلب عادة تنظيف السوق بها يومياً وتذهب في النهاية للبحر، وبالتالي فهذا السوق سيشكل تهديداً للبيئة البحرية بكل معنى الكلمة، وهو في النهاية وحسب الخطة ستؤول مرجعيته كما هو مخطط إلى وزارة البيئة والزراعة والمياه.

أما من حيث الموقع، فالسوق الذي يعج بالحركة وزمجرة السيارات الكبيرة وصخب الأسواق والناس يقع مقابل أهم متنفس للناس التي تبحث عن الهدوء والاستمتاع بأجواء الكورنيش الذي يكون عادة مرتعاً للأطفال والكبار، وفي نفس الوقت هو يشترك مع مركز سلاح الحدود في مدخل واحد، وهو مركز عسكري له طبيعته الأمنية المختلفة التي لا تتوافق بالضرورة مع المرونة التي تتطلبها الأسواق التي يرتادها كل الناس وفي مختلف الأوقات.

لقد انتهت همروجة إنشاء فندق خمس نجوم بجانب سوق الأسماك التي رافقت الإعلان عن المشروع الذي قدرته ميزانيته حينها بـ 35 مليون ريال، وحبذا أن ننتهي من مقولة أننا سنستخدم إشارات مرورية ذكية خاصة بالمواقع منخفضة الحركة لاستخدامها في مواقع عالية الحركة المرورية.

إننا بحاجة إلى حل يضيف انسيابية أكثر للحركة المرورية المرتفعة، لكن الحل الحالي الذي تقوم به البلدية حالياً هو عكس ذلك تماماً عبر وضع إشارات مرورية سبق تجربتها وأثبتت فشلها أيضاً، لقد كلف (الحل الحالي) إضافة لما يقارب 10 ملايين ريال أن اقتطع جزءًا مهماً من الكورنيش يعادل 10% من طول المنطقة الرئيسة منه، وكل ذلك دون أي أفق واضح لحل المشكلة الرئيسة باستثناء الضجيج الإعلامي.


error: المحتوي محمي