مراحل العمر الاجتماعية وخطر العبث بها

أحيل القارئ لنظرية Erik Erikson للمراحل الثمانية المختصة بالوضع النفسي الاجتماعي للعمر.

والمقال معتمد جزئياً على هذه النظرية.

هذه المراحل هي نتاج لنمو الإنسان الجسدي وعمره  وتفاعله مع البيئة والمجتمع وإرادة الأنا.

وفي كل مرحلة صراع بين متضادين أو أكثر، وتحدد نتيجة هذا الصراع تطور شخصية الفرد.

ما يهمنا في الأمر عدة نقاط:

* المراحل باتجاه واحد من الولادة حتى نهاية العمر.

* لكل مرحلة أهداف مختلفة.

* حرق المراحل أو القفز للأمام وتخطي بعضها قد يحدث ضرراً في القدرة اللازمة للفرد للتعامل مع الوضع الاجتماعي.

* الرجوع للخلف بشكل تام في تلك المراحل أيضاً قد يحدث مضاراً بعضها كبير.

وانعكاساً على الواقع، قد نستطيع أن نوجه أنفسنا للوصول للراحة وتجنب الآثار السلبية.

ولن أطيل.. بعد أن وصلت الفكرة. ولنأخذ مثلاً واحداً، ومن ثم  يستطيع القارئ أن يتوسع في التفكير للخروج بالفائدة ويقيس على جميع المراحل:

مرحلة منتصف عمر البلوغ والتي هي المرحلة السابعة، وتمتد من عمر 40 سنة إلى 65 سنة.

وهي مرحلة خطيرة لا تقل أهمية عن المراحل الأخرى كالطفولة والمراهقة وبداية البلوغ.
لأنها:
* تخص الذات والأسرة (لكون الفرد فيها عادة أباً أو  أماً).
* وكثيراً ما تحدد السيرة التي يذكر بها الإنسان حياً أو ميتاً.
* ويصعب تصحيح أخطائها مستقبلاً نتيجة تقدم العمر.

الرجل أو المرأة في هذه المرحلة يقيم الماضي ويشعر بالخوف من نفاد الفرص.
قد نشعر بطريقة أو أخرى أن جزءاً من حياتنا لم نعشه بالطريقة التي تشبع الأنا  لدينا.
وهذا قد يكون ناتجاً أحياناً  عن حرق المراحل للأمام  كالزواج المبكر جداً.
أو يكون مجرد طمع من الأنا لدينا.

المهم أن بعضنا تجرفه الأفكار.. ويقلب الطاولة رأساً على عقب.
يرمي أسرته وأولاده رغبة في تحقيق الذات وتعويض ما لم يعشه واقعاً أو حسب اعتقاده.
يحرق المراحل للخلف..
ويهدم كل ما بناه.
والكلام ينطبق على الرجل والمرأة.

كم من رجل رزين ناجح خسر مكتسباته الذاتية وأثر سلباً على أسرته.
وكم من امرأة جرفها التيار ورمت بزوجها وأطفالها  وغيرت شكلها بحثاً عن السعادة بعيداً عن أقرب الناس لها.
ضغطت الفرامل وحاولت العودة للوراء!

والكثير تأذى من حرق المراحل للأمام أو الخلف
و”اللعب بعداد العمر”.

الحلول واضحة.
فلكل مرحلة حلاوتها.
ليس بالضرورة أن توقف عمرك عند سن ٢٥ سنة لتشعر بالسعادة.
مرحلة منتصف عمر البلوغ تشعر فيها بالسعادة الأهم.
وهي سعادة العطاء.. والاستثمار في الأبناء والمجتمع.
إنها السعادة الحقيقية.. أما سعادة الأخذ فإنها مؤقتة ولن ترضيك.
فكلما أخذت شيئاً سيتبلد حسك تجاهه ثم ستطلب غيره.
عندما تشيخ ويتغير شكلك وقدراتك ويهرب الطامعون فيك، فمن صفق لتمردك أيها الرجل أو المرأة سوف يسخر منك.
وربما  تموت منبوذاً معزولاً في شقة. لا يعرف عنك أحد إلا من رائحتك التي سوف يشمها الجيران.

النظرية تتيح لنا فرصة التعويض بشكل آخر لمن لم يستطع التكيف مع وضعه الحالي.
بالإمكان أن يجمع الفرد مثلاً بين متطلبات عمره الحالي الاجتماعية وقضاء ما يمكن قضاؤه مما فات من حاجياته النفسية.

ما المشكلة لو أنه لم تتح لك فرصة الاستمتاع بطفولتك كاملة مثلاً.. أن تلعب بلاي ستيشن مثلاً وأنت في عمر الخمسين؟
أو أن تهتمي بشكلك يا سيدتي في عمر متأخر دون قلب الطاولة على كل من وما  هو حولك؟
بعد فترة من الزمن ستشعر بالرضا وتستمد القوة على عيش المرحلة الحالية والتعامل مع متطلباتها دون الشعور بالنقص.



error: المحتوي محمي