يقترب عام 2020 من نهايته لكن العالم لن ينساه كما هي حال الأعوام التي مضت، حيث إنه جاء مع الجائحة القاتلة التي ضربت العالم كله بلا رحمة، فأغلقت مدناً ومطارات، وتركت الخوف في كل دول العالم وأضرت باقتصادها، وأغلقت دور العبادة في الدول الإسلامية، وخلت الكعبة المشرفة من الطائفين والركع السجود!! وتركت وحيدة في منتصف الكرة الأرضية.
الجائحة عادت للعالم بموجة ثانية ربما تكون أكثر شراسة من سابقتها في ظل الأجواء الباردة التي تسود معظم دول العالم والتي تستأنسها الجائحة، حيث بدأت في الكثير من دول العالم الغربي وأمريكا وفِي بعض الدول العربية، وتنوعت في حصد أرواح الضحايا بين مسن وشاب وطفل، جاءت الجائحة مستغلة حالة التراخي التي حصلت في تطبيق الإجراءات الاحترازية للوقاية منها في الكثير من دول العالم.
إن معظم دول العالم عادت وأقرت الإغلاق الكامل للمحلات التجارية والخدمية في المساء، ونحن جزء من هذا العالم وهذا يجعلني أتساءل: لماذا لا يتم الإغلاق الكامل للمحال التجارية والخدمية في بلادنا من الساعة الثامنة أو التاسعة مساءً؟ وتظل مفتوحة الخدمات الضرورية كالصيدليات ومراكز التموين الكبيرة ومحطات الوقود وغيرها من المحال التي تقدم الخدمات الضرورية للناس، فإن تنظيم مواعيد المحال سوف يؤدي إلى تنظيم حياتنا.
الكثير من دول العالم التي يعتمد اقتصادها على السياحة والسهر تغلق محلاتها الخدمية بين الساعة السابعة أو الثامنة من كل مساء، فلماذا نتركها مفتوحة في بلادنا إلى آخر الليل؟ وإذا كنا نعمل على تشديد تطبيق الإجراءات الاحترازية فلنعمل على إغلاق الأماكن الخدمية من الساعة التاسعة مساءً، وتكون العودة للمنازل مبكراً ليتمكن الناس من الجلوس مع أولادهم بدلاً من تركهم يسهرون في الواجهات البحرية والاستراحات وغيرها، فهل آن الأوان إلى تنظيم وقتنا لكي نعيش حياتنا؟ أم أن البعض منا يعشق السهر إلى ما بعد منتصف الليل؟
مرت أيام جميلة على مجتمعنا كالتي عشناها في زمن الآباء والأجداد، حيث إن الشارع استرد صورته الطبيعية كل يوم بعد السابعة مساءً، عندما أمرت الدولة رعاها الله تعالى بفرض حظر للتجول من الساعة السابعة مساءً إلى الساعة السادسة صباحاً ضمن التدابير الاحترازية لمواجهة الجائحة، فلا تجد عمالة أجنبية تحتل الأرصفة عندما تتجول فيه، ولا أصواتًا صاخبة بل حياة بلا إشغالات، وهنا أسأل: لماذا لا تكون الحياة هكذا؟ إنها أجمل.
الكثير من الناس في المجتمع صغاراً وكباراً للأسف يسيئون التعامل في الوقاية من الجائحة، ويستهترون بالإجراءات الاحترازية التي تعلموها من الدولة رعاها الله تعالى للوقاية من خطر الجائحة، فتراهم يتجمعون في الأسواق والمقاهي والمزارع والاستراحات وغيرها من دون احترازات، ولا بد من تكثيف توعية الناس بضرورة التقيد بالاحترازات الوقائية من الجائحة.
الجائحة تجتاح العالم اليوم بموجة ثانية، وتحتاج إلى توعية على أعلى المستويات، وهي تحتاج إلى برامج يومية في الراديو والتليفزيون وعبر منصات المدرسة وفِي دور العبادة، لغرس ثقافة الوقاية من خطر الجائحة القاتلة بين الناس، التي يجب أن يسمعها المخالفون لارتداء الكمامة، وحضور مناسبات الأفراح بأعداد تتعدى المسموح به، وإقامة العزاء من دون احترازات، ولمة الأهل والتزاحم في الأسواق والكافيهات وغيرها.
ختاماً نسأل الله تعالى أن يعبر الوطن الغالي الموجة الثانية من الجائحة بسلام، مثلما تجاوز الموجة الأولى من خلال التقيد بالإجراءات الوقائية للوقاية من الجائحة من دون أن يتعطل اقتصادنا، وإن أصحاب القرار في الدولة رعاها الله يبذلون جهوداً كبيرة للحفاظ على سلامة المواطنين، لذلك علينا جميعاً ألا نتهاون في الإجراءات الاحترازية للوقاية من هذا الوباء القاتل.