في كلّ موسم نقترب فيه من مثل هذه الأيام، يتصاعد تأهّب الجميع لاستقبال بشائر أمطار الوسم التي تخضرّ معها المروج، وتسيل فيها الشعاب، وتأرج الطبيعة بالعبق الذي يسود الكثيب والشعيب في مشهد جماليّ ماتع.
هذا الجمال الذي تهفو إليه النّفوس، غالبا ما ينغصه عدم توفّر بنية تحتيّة مؤهّلة لاستيعاب كميات الأمطار التي تنزل بغزارة، ما يعيق حركة السير والتنقل، وتتجمّع المياه في منعطفات الشوارع، كما تبقى تجارب بعض أنفاق الطرق في موسم الأمطار محلّ قلق مستمر، لا ينتهي من دون تجارب فعلية لهذه الأنفاق.
إنّ سلبية الذكريات مع بعض الأنفاق أو الطرق والشوارع في موسم الأمطار، كفيلة باستعادة صور فيضانات تسبح فيها المركبات والشاحنات، كأنّها قطع لا تستطيع مقاومة القوّة الجارفة للكتل الحديديّة الكبيرة.
وفيما يتم تبرير المشكلات في المواسم المطرية الماضية، بأنها نتيجة عدم كفاءة المضخّات التي في هذه الأنفاق أو بسبب بعض أنواع الخلل الإنشائي الذي تتحمله الجهات المنفذّة ذات الخبرات التي لا تتوازى مع مثل شبكات الطرق المتقدمة، فإنّ الإنشاءات الجديدة لا يتم الحكم بكفاءاتها إلا بعد تجارب حقيقية تتجاوز مستوى تجارب المحاكاة التي يتم تنفيذها بعد الانتهاء من مراحل التنفيذ.
وفي المدن الرئيسة يكون الأثر أكثر سلبية، في حال تساقط أمطار غزيرة على بنية ذات قدرة منخفضة لتصريف الأمطار، وهذا يتطلب وضع الخطط التي تضمن سلامة الطرق والأنفاق في المواسم المطرية الغزيرة.
ولا يمكن موافقة بعض التبريرات السابقة التي تنطلق من بعض دوائر الجهات البلدية والأمانات، التي كانت تضع بعض مشاكل الأمطار على أن بلادنا لا تتساقط عليها أمطار غزيرة في بعض المناطق، مما لا يستدعي -كما في تبريرهم- تشييد إنشاءات مواصلات وطرق ذات بنية فائقة.
بينما في المنطق الهندسي، وتحديدا في موضوع بحوث العمليات، يتم إبداع التنفيذ بناء على البساطة التي تبحث عن تحقيق المشروع بأجدر الشروط بالتكلفة المثالية.
إن طبقات بعض الطرق الداخلية تتكسر أو تصيبها هبوطات سريعة بسبب سوء التنفيذ، رغم المخصصات المالية المعتمدة لمثل هذه المشروعات.
وفي توجيه تساؤل للجهات المشرفة على هذه المشروعات، ولاسيما الأمانات والبلديات أو ما يرتبط بمشروعات وزارة النقل في مناطق ومحافظات السعودية، بحث عن إجابة سؤال صيغته: متى تكون جميع طرقنا مثالية ومتطابقة مع معايير الإنشاء والسلامة ذات العمر الافتراضي المناسب؟.
المصدر: آراء سعودية