جميل أن تصغي إليها، وهي تتجلى إبداعًا، لتسأل: ما هي أشد العقبات التي تواجه الكاتب، وتشتت أفكاره، وتؤخر طموحاته، التي يتمنى الصول إليها، وكيف يمكنه تخطي تلك العقبات؟
شكرًا “ماما”، فكم كانت لك من وقفات، تثير الأسئلة، لنتعلم من فكرك، وأناملك المعتقة بالإبداع، كل ما هو جميل وجديد.
إن القراءة، هي زاد الكاتب، والأحرى بها أن تكون متنوعة، وليس المعني فقط بالقراءة، أن تكون مجرد قراءة، أو اكتساب معرفة ما، ينبغي أن يتقن القارئ القراءة النقدية، ويفعل من ثقافة السؤال لديه، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، أن يتذوق الكاتب سياق الجملة، وتكون لديه ثقافة، قد نسميها مهارة تلاقح التفاصيل، مع الكلية، لذا عليه أن يقرأ الجيد، وغير الجيد، ليتمتع بالتغذية الراجعة، كسلة من الفواكه، تحتض ما لذ وطاب فيها.
إن الفنان التشكيلي، أو المصور الفوتوغرافي، يبصر لوحات مختلفة، يرى صورًا مختلفة، لتتكون لديه تغذية بصرية راجعة، تسكب ظلالها على ما ينتجه، فإن في ذاتية الإنسان، ما يشعره بالأشياء البصرية والعقلية، والجمالية والأدبية، كذلك الاهتمام بالتغذية البصرية للكاتب، فإن النص، له ناحية بصرية، ليتشبع بها، وهذا مما يؤثر على نوعية كتابته، ومعالجة أفكاره. السؤال الذي يطرح نفسه، كيف يولد الكاتب الأفكار؟
وفي الإجابة، نستعير مثلًا الشاعر، فإنه إذا ما قرأ، لأكثر من شاعر، سيأتي في بداياته، مقلدًا غيره من الشعراء، وهذا لا ضير فيه من باب التأثر، حيث إن لكل شيء، أثر ومؤثر، وعليه قد يقلد متأثرًا بأسلوب شاعر ما.
كان الشاعر محمود درويش، الذي قال ذات لقاء، إنه تأثر بالشاعر نزار قباني في بداياته، لنلاحظ بعد ذلك، أن درويش الشاعر، ومن خلال القراءة المتنوعة، وتوليد الفكرة، التي تنتج من تنوع القراءة، والجهد في التعلم، استطاع أن يصنع أسلوبه الخاص، الذي يتفرد به.
إذًا بالنتيجة: إن الكاتب، ومن خلال القراءة، تتلاقح في ذهنه الأفكار، ليستطيع أن يولد فكرة مغايرة، لم يسبقه لها غيره.
وبالنسبة للصعوبات، لربما نستطيع تلخيصها، أولًا: ذات الكاتب، والمقصود بها التهيئة النفسية، بأن يبحث القارئ عن الكتاب، الذي يشترك معه نفسيًا، فإذا تقبل القارئ الكتاب نفسيًا، فإنه سيغرق في القراءة، حتى وإن كان الكتاب ليس من ميوله، لهذا ينبغي أن يتهيأ له نفسيًا، لذا من أولى الصعاب، هي التهيئة النفسية، لهذا يقال دائمًا، إن النجاح، يعتبر قيمة، وإنجازاً، ولكن المهم أن ندرس البيئة التي جعلت من الإنجاز، بأن يكون إنجازًا، ومعرفة البيئة، التي تمنحنا استمرارية الإنجاز في قادم الأيام، وليس التركيز فقط على الإنجاز، والاحتفاء به، مع أن الاحتفاء بالإنجاز، يعد قيمة لا استغناء عنها، كذلك من الصعاب، قد يكون عدم توفر الكتاب، ولكن أعتقد أن الكتب الإلكترونية، أزاحت هذه المشكلة، والبعض قد لا يرغب بالكتاب الإلكتروني، لأن القراءة الورقية لها فاعليتها أكثر من خلال الجاذبية.
نهاية: لكل إنسان طموحات، وفي سبيل تحقيقها، لا بد أن يتحلى بالصبر الجميل، فالصبر، زاد الإنسان، الذي يتغذى عليه، ويرتوي من قطراته، فإن لكل شيء وقته، فإذا جاء، تظلك خيوط الشمس، ويعانقك عنفوان العشب، وما أجمل أن تقرأ، وأنت تداعب بأصابعك العشب، وترشف فنجان قهوة، وفي الجهة اليسرى من عينيك، قرطاس ويراع.