غيب الموت الذي لا مرد منه زوجة عمي أم علي الجنوبي سلمى آل دعبل منذ ثلاثة أشهر، وقبل تمامهم هذه الأشهر خطف معها حفيدها الشاب أبو علي حسن الجنوبي.
تعودت أن أقف في صفحاتي الخاصة بالتواصل الاجتماعي أنعى الراحلين الذين جمعتني بهم الذكرى وتخليد بعض الحروف بين كلماتي، ليس لإثارة شجون القراء، بقدر ما هو وقفة عرفان وشكر بأن منحونا بعضًا من اللحظات الجميلة التي نعتز بها عندما كانوا معنا وندعو لهم بالرحمة سواء كانوا أهلًا أو صحبة وجيرانًا، وحتى معرفة عامة من الوسط الاجتماعي.
توفيت زوجت عمي في ٢٠ ذو الحجة ١٤٤١هـ، بعد عارض صحي، سمعنا الخبر بصوت ابنتها “أم علي” في مجموعة الواتساب “بنات العم” بقولها: بنات عمي أمي ماتت.
ليقع الخبر على الجميع إنَّا لله كيف ومتى؟؟ وعليه حارت العقول ومع صدمة الحدث ضاعت الكلمات للتعبير عنها لأجد نفسي بعدها كلما هممت في جمع حروفي تخونني وتضيع بين العجز عن التعبير وزحمة المهام اليومية.
مضت الأيام بما يزيد على الشهرين إلى أن حان ما لا يخطر على فكر أحد وأنا في غمرة إرسال التبريكات لابن عمي حسين وزوجته والفرحة بعقد زواج ابنهما وفي ذات اللحظة، إعلانهما “مات حسن” وتكرر تساؤل: كيف ولماذا، حيث كانت منيته على حين غرة وبصورة مفاجئة.
وتجدد علينا الحزن من الجميع وتذكر والده الراحل وفقد زوجة عمي التي لم يبرد رحليها بل فقد جميع الأحبة.
وبين فينة وأخرى تداعبني الذكرى نحو زوجة عمي التي كانت لنا بمثابة الخالة التي فقدنا وجودها الذي كان بمثابة الأخت لأمي كون ليس عندنا خالة.
زوجة عمي التي كانت تسأل عن كبيرنا وصغيرنا وتستقبلنا بفرح رحلت ونحن يعتصرنا الحنين لها بعد أن نثرت طيبتها بين الجميع وقدرها بأن جعلتنا نلمس خلقها وطيبتها.
وحسن ذلك الغصن الذي انكسر على عجل وهو ما زال طريًا لم يفرح ببلوغ بنت أو ولد رحل بعد أن صاحب من حوله بابتسامته الطيبة قبل كلمته التي تبهج القلب، عندما أقابله هو أخته وإخوانه لا أستطيع التميز في توزيع المحبة هل هم أو أعمامهم وعماتهم، حيث أجدهم بعض بل كل والدهم الطيب الراحل.
دائمًا أفكر ما هو الاتفاق الذي كان بين أبي وعمي وبين أمي وزوجة عمي حتى كان الذي بيننا مع أولاد وبنات عمي؟؟؟
علاقة تمازج الطفولة بمشاعرها واشتراك الفرح والحزن والمأكل والمشرب، توحد الذكريات التي بيننا، توحد الممتلكات التي لدينا ما لنا لهم وما كان لهم لنا، وحتى وإن طرأ علينا عتب يتلاشى كأنه زبد البحر.
بيت عمي ذلك العالم الذي لم يتغير جوهره مع تغيير سوره وجدرانه.
نطير ونطير بين مشاغل الحياة لكن لابد أن نتذكر أن بيت عمي من البيوت التي لها أجواء خاصة لا يمكن أن ننسى طفولة كانت منبع ولادة مشاعرنا العفوية التي نحن لها في كل لحظة بلهفة.
رحم الله زوجة عمي وحسن ووالدي وعمي وجميع المؤمنين والمؤمنات وحفظ الله الباقين والباقيات منهم ببركة النبي محمد وآل محمد.