تعد التنمية الشاملة والمستدامة مطلباً أساسياً لكل المجتمعات لأنها في أحد جوانبها تمثل مؤشراً لمستوى وعي وتقدم هذه المجتمعات.
وتقوم عملية التنمية في المجتمعات المحلية على عاملين مهمين وهما:
١/ مساهمة الأهالي في الجهود التي تبذل لتحسين مستوى المعيشة.
٢/ توفير ما يلزم من الخدمات الفنية وغيرها لتشجيع المبادرات والمساعدة المتبادلة بين جميع مكونات المجتمع.
ولأن الجمعيات الخيرية والاجتماعية جزء لا يتجزأ من منظومة رؤية المملكة ٢٠٣٠ وهي ترتكز على محاور ثلاثة وهي: المجتمع الحيوي والاقتصاد المزدهر والوطن الطموح، ومن هذا المنطلق فلقد حظي القطاع الثالث (القطاع غير الربحي) والذي يتكون من الجمعيات بأنواعها ولجان التنمية والهيئات والجمعيات التعاونية، بالاهتمام الكبير وجعلته ركيزة أساسية واعتمدت عليه في تغيير وتطوير المجتمعات، مع الحرص على تذليل وإزالة كل العقبات لتحقيق أهدافها.
وعملت على تشجيع الطاقات البشرية للانخراط فيه دون تمييز بين الرجال والنساء، لأنها تمثل إطاراً منظماً للمواطنين من أجل المشاركة الفعالة في عملية التنمية.
ولقد شهدنا مشاركات الأهالي في الإسهام في مسيرة هذه الكيانات المجتمعية المتنوعة، وواكب ذلك مواءمة لبعض الأنظمة مع تطور الأوضاع وتغير الاحتياجات واكتساب الخبرات.
وأحد مفاصل مسيرة هذه الكيانات هو عقد لقاء الجمعيات العمومية وخصوصاً للجمعيات الخيرية، حيث تشكل فيها الإدارات الجديدة ويتم استعراض المنجزات وتقييمها من قبل الحضور، وجميل التوقف عند المشاركة الفعالة، وإن كانت تتفاوت في زخمها، لأبناء المجتمع في هذه الجمعيات التي تعكس حساً بالمسؤوليات الاجتماعية العالية، إلا أنني أسجل هنا إعجاباً شديداً بما قامت به جمعية الأوجام قبل عدة أيام بفتح المجال لمشاركة النساء في الجمعية العمومية، ولا أنسى التنويه بمن سبق جمعية الأوجام في هذا المجال من جمعيات ولجان تنمية. حيث أقيمت الجمعية العمومية وصوتت فيها السيدات وتم تشكيل مجلس إدارة الجمعية الجديد.
إن إعطاء المرأة حق التصويت والحضور في الجلسات العمومية يشكل تعزيزاً لدورها وفق تطلعات ومرتكزات ورؤية المملكة الجديدة، حيث استطاعت الآن المرأة السعودية أن تخطو خطوات تاريخية مشرقة متناسبة مع ثقافة المجتمع ومتغيرات هذه المرحلة.
إن مشاركة المرأة في انتخابات مجلس إدارة الجمعيات يعني تحملها للمسؤولية وأنها شريك في صناعة القرار أو التأثير فيه، بمكانتها في المجتمع وأهمية الدور الذي تقوم به، فهي تمثل نصف المجتمع وتساهم في العديد من الأعمال والأنشطة والفعاليات المختلفة في الجمعيات نفسها.
لذلك كان قرار المشاركة قرارًا صائبًا ولكنه يبقى نصف مشاركة، فالمشاركة الكاملة تحتم أن تمارس من خلالها التصويت والترشح أيضاً. حيث تتحقق المشاركة الحقيقية في العمل حسب ما دعى له برنامج التحول الوطني والرؤية ٢٠٣٠.
والمتأمل في جميع الأنظمة يصل لنتيجة واضحة أنها لا تتضمن ما يمنع ترشح المرأة لمجالس إدارات الجمعيات والمشاركة في مجالس إداراتها وعضوية لجانها. فالمشاركة في الحياة التنظيمية للمجتمعات متاحة لكل مواطن سواء كان رجلاً أو امرأة من خلال المساهمة في صنع القرار بناء على توجيهات خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، حيث تكللت قراراتهما دوماً باهتمام كبير بالمرأة يوماً بعد يوم لتتعزز مكانة المرأة السعودية داخل المجتعات.
من هنا، أتمنى من الجمعيات أن تأخذ مشاركة المرأة في الترشح لعضوية مجالسها الإدارية، ما تستحقه من اهتمام لتهيئة الظروف المناسبة والدعوة لذلك والاعتناء بتطبيقه من قبل الجمعيات واللجان الرسمية التي سيحل انعقاد اجتماع جمعيتها العمومية في المستقبل.
كما أدعو السيدات ممن يجدن في أنفسهن الكفاءة والاستعداد، ولدينا الكثير منهن في مجتمعاتنا، أن يأخذن هذا الأمر على محمل الجد والعمل على أن يكنّ مستعدات لخوض مسؤولية الانضمام لمجالس إدارات الجمعيات بكفاءة ومهنية عالية كما هو عهدنا بهن.