أنا لستُ محظوظًا..!

هكذا بدأ كلماته بعدما أخذ أنفاسه، لما أنا لستُ محظوظًا، ليت الحظ يُشترى.

أجبته يا هذا، لا تُضِع وقتك بالتمتمة بالحظ، قد أطلت على نفسك العناء، وسلبت من مهجتك الهناء، يا هذا ألم تعلم أنه من انتسبَ إلى شيءٍ نُسِبَ له!

هل تريد أن تعلم ما هو الحظ؟!

إن الحظ ما هو إلا تلك الفُرص التي تأتيكَ كرمًا من ربِ السماء، وإن الفرص ما هي إلا تلك النِعم المتناثرةُ حولك.

اعلم أن صحتك هي فرصة إن أحسنت الاعتناء بها، كتبت لنفسك الحظ في الاستمتاع بالحياة، وإن عقلك هو فرصة إن أطلقت له العنان كنت محظوظًا بالتفكر والتدبر في حياتك، وإن مالك هو فرصة إن تاجرت به مع الله كنت محظوظًا به في الدنيا والآخرة، وإن حياتك هي فرصة إن أحسنت توظيفها بالأمل والتفاؤل كنت محظوظًا بها من كل جوانبها!

اعلم يا هذا.. إن ما يجعلنا ننشغل عن الموجود، هو تلهفنا وشغفنا لنيل المفقود، هو الرغبةُ في الدنيا وزخرفها، هو حب التملك والتعلق.

لكن ماذا يا ترى لو نظرنا إلى الموجود عندنا بأنه مفقود فهل سنعرف قيمة النعم وحجم الفرص التي لدينا؟!

ماذا لو توقفت قدماي يومًا عن الحركة، وأهدتني الحياة كرسيًا متحركًا، فهل سأدرك حينها حجم النعمة التي كانت لدي وعدد الفرص التي كنت أحظى بها!

ماذا لو انطفأ نور الدنيا من عيني، وأهدتني الحياة عصا أتكئ عليها، وأستشعر بها ما أمامي لكيلا أسقط على وجهي، فهل سأدرك حينها حجم النعمة التي كانت لدي، وعدد الفرص التي كنت أحظى بها في وجود عيني.

لا تجعل الفقد وحده هو من يشعرك بقيمة ما تملك، أغمض عينيك وأبحر في روحك، واستشعر قيمة ما تملك قبل فقدِه، وقبل فوات الأوان فيه!


error: المحتوي محمي