القتل الهواية التاريخية للإنسان

أطلق البعض على السنة التي نعيشها بأنها سنة كـورونا عوضاً عن 2020. وذلك على غرار سنة الطبعة التي حدثت في عام 1932م. وبعد سنوات طويلة سوف يتذكر الإنسان الظروف الصعبة التي فرضها الفايروس علينا. بدءاً من الحجر والمشاحنات الأسرية وإقفال المطارات لتبقى الأرواح التي حصدها الفايروس هي أهم ما يتعلق في ذاكرتنا. ولكن على الإنسان أن يتذكر جيداً أن هذا الفيروس أعطى للإنسان فرصة لأجل أن يمارس هوايته المحببة والتاريخية ألا وهي القتل.

ففي ظل الجائحة أصبح هذا الفبروس هو القاتل الأول. ويبدو أن الإنسان قد شعر بالغيرة من الأمر. فهناك بعض البشر شعر أنه يجب أن يبقى الإنسان هو مصدر الموت وهو المهدد الأول لحياة الآخرين. فراحت غريزة القتل تنمو لدى البعض وتبحث عن الفرصة لإشباع تلك الغريزة. فحسب قناة WGN TV أن هناك أختين من أصول إفريقية قد قامتا بطعن موظف أمن بسبع وعشرين طعنة لأنه طلب منهما ارتداء الكمامة قبل الدخول للمتجر. كذلك ذكرت صحيفة سبق الإلكترونية أن أحد الزبائن في أحد متاجر مدينة الأحساء قام بقتل موظف أمن لأن الأخير طلب منه ارتداء الكمامة أيضاً. وقد ذكرت قناة BBC أن هناك أسرة أمريكية مكونة من أم وزوجها والابن قد شاركت في قتل حارس أمن أيضاً بعد إصرارهم على الدخول من غير كمامة. أما صحيفة New York Times فذكرت أن مسنًا يبلغ من العمر 80 سنة قد قُتِل في مطعم لأنه أخبر أحد الزبائن أن عليه الالتزام بالمسافة الآمنة وما كان من الزبون إلا أن طرحه أرضاً لترتطم رأسه بالأرض ويفارق الحياة بعد دقائق. وتلك الأحداث ما هي إلا مقتطفات من قائمة من جرائم القتل التي مارسها الإنسان في ظل تسونامي الموت المنتشر حول العالم. وهذا ليس بغريب فقد أثبتت الدراسات العلمية أن الإنسان قد تفوق على باقي الكائنات التي تميل إلى قتل بني جنسها.

من لا يؤمن بأن القتل غريزة في الإنسان فعليه مراجعة تاريخ الإنسان. فقد كشفت دراسة إسبانية أنهم قد عثروا على جمجمة إنسان في أعماق كهف تعود إلى 230.000 سنة وقد خلصت النتائج إلى أن المقتول عشريني وقد ضرب على الجهة اليمنى من الجبهة بأداة حادة قد أودت بحياته. وقد تكون تلك مجرد قصة وعلى شاكلتها الكثير من القصص التاريخية التي تدل على جرائم القتل. إلا أن المجرم قام بدفن المقتول في عمق الكهف كي يخفي جريمته الشنيعة. ولكن الأشنع من ذلك هو أن يخلد الإنسان الدليل على أنه كان يمارس الجريمة بشكل صريح وممتع مما دفعه  لعمل بطولات ومسابقات تكون نهاية المشارك فيها ما بين قاتل أو مقتول والكولينسيوم وملاعب الإزتيك شاهدة على ذلك.

قد ينبهر الإنسان الحديث من عظمة بلاد الرافدين على الإنجازات التي توصل لها أسلافه قبل آلاف السنين. وقد يشغر بالغيرة منه أيضاً. إلا أنه يتباهى في نفس الوقت لأنه يعيش عصراً متقدماً جداً مقارنة بالحضارات السابقة. لكن علينا جميعاً أن ندرك الجانب الآخر والذي نغفل عنه كثيراً وهو أن الإنسان المخترع والعالِم هو نفسه الإنسان القاتل.

وبلغة أخرى غريزة القتل موجودة في كل إنسان فهناك من يحارب ويقتل العدو بدافع الوطنية وهناك من يقتل لأنه طلب منه ارتداء كمامة.


error: المحتوي محمي