لماذا نحتفل بميلاد النبي محمد (ص)؟

الاحتفال بمولد النبي يعد من مظاهر الحب لنبي الأمة محمد (ص)، إذ ليس الحبّ شيئاً يستقرّ في صقع النفس من دون أن يكون له انعكاس خارجي على أعمال الإنسان وتصرّفاته، فمن خصائص الحبّ أن يظهر أثره على ملامح الإنسان المحب، وعلى قوله وفعله بصورة مشهورة وملموسة.

بعد أيام سوف تطل علينا ذكرى مناسبة عزيزة على قلوب المسلمين وهي ذكرى مولد نبي الرحمة للبشرية النبي محمد (ص)، لكن في هذا العام جاءت الذكرى في ظرف قاسٍ أصاب العالم كله بسبب “الجائحة”، التي لم تفرّق بين عربي وأعجمي وبين فقير وغني فهو لا يزال يضرب العالم ويحصد ضحاياه في كل يوم، نسأل الله تعالى بحق نبينا محمد (ص) وآله أن يرفع عنا هذا البلاء ويكشف هذه الغمة عن أمته وعن العالم كله.

عندما تبحث عن سيرة النبي محمد (ص) تجد أن تلك السيرة ساعدت في نشر ثقافة الأخلاق التي تبني الأمم:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت..
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا..
فالرسول (ص) ينتظر منا التحلي بالأخلاق والتسلح بالعلم والمعرفة وأن نكون في مصاف الأمم التي ترقى بشعوبها، وأن النبي محمد (ص) علمنا المحافظة على قراءة القرآن الكريم وترجمة مضامينه في أفعالنا، وعلمنا الصدق بأن نكون صادقين في قولنا وفعلنا، وعلمنا الأمانة بأن نكون محافظين على الأمانات، وعلمنا الكثير من أساسيات الحياة، وينتظر منا تطبيقها في أمور حياتنا في زمن متاهات الحياة ومغرياتها.

العبادات الشعائرية عند المحب لا تكفي إذا لم تصاحبها العبادات التعاملية بين الناس في المجتمع، فلا يُغني أن تكون المساجد مليئةً بالمصلين، وفي نفس الوقت نجد أنّ تعاملهم ومعاملاتهم تتنافى مع تعاليم الدين! وقد يكون هذا واضحاً في مجتمعاتنا الإسلامية التي يُفترض أن تكون قدوة العالم في المعاملات الإنسانية والأخلاقية لكثرة المساجد فيها! فما يُنشر عن الفساد فيها ليس قليلاً، إذ عمّ كلَّ القطاعات! فأصبحت الرشاوى شيئاً عادياً ممّا جرّ الفسادَ نتيجة لذلك إلى أن يتغلغل في كل أمور الحياة، لأنّ التركيز صار على العبادات الشعائرية دون التركيز على العبادات التعاملية، هذا غير التعامل السيئ وقلة الاحترام والنفاق وكثرة الحلف بالله كذباً وزوراً وغير ذلك الكثير.

إنها ذكرى ولادة نبي الأمة محمد (ص)، وعلى الأمة الإسلامية الاحتفال بها حتى نبين للعالم حبنا لنبينا وأهل بيته عليهم السلام، في ظل الهجمات المستهجنة من بعض السياسيين في الغرب على الدين الذي يتمثل في النبي محمد (ص)، وأنه صَلى الله عليه وآله جاء لإنقاذ البشرية من الشرك والخرافة والإلحاد ودخول البشرية في متاهات مظلمة فأنقذها الله تعالى بالنبي محمد (ص).

ختاماً إن إحياءَنا لذكرى مولد نبينا محمد (ص) هو إحياء يدعونا إلى أن نعيد التفكر في سلوكياتنا وأخلاقنا مع بعضنا البعض، ويذكرنا بأن نبينا محمد (ص) علمنا الأخلاق والصدق والأمانة، ويذكرنا بأن الأخلاق أساس الحياة وأن الدين المعاملة، وإذا أصيب القوم في أخلاقهم؛ فأقم عليهم مأتماً وعويلا.



error: المحتوي محمي