يوميات قلم «1»

«أعقلُ الناس مَن جمع عقول الناس إلى عقله» (1)

إن حياة الآخرين، وسيرهم بمختلف ألوانها، بمثابة واحة، غناء، وارفة من المعطيات، تكسبه الخبرات، لتكون مصدر إلهام، وأيضًا بوصلة، يتخذها الإنسان، ليستفيد من عطاءاتها، والتجارب، لذا فإنه لاستقراء هذه المسافات، وتمشيطها، نحمل أدواتنا؛ يراعنا، والقرطاس، الذي ننقش فيه ما يلج، وما يقدم.

إن الرجوع، لتلك الحقبة الزمنية في حياة الآخرين، لأي متتبع، تزيده الإثراء العقلي، والذاتي، ونضوج أدواته، بكونه يتعرف على خبرات من سبقه، ليؤثر ذلك على نتاجه، عناقًا، مع تطلعاته المستقبلية.

إن تجارب الآخرين، حكاية تبحر بالإنسان، كأنه حاضر في دقائقها، يترنم في أجوائها، يقارع صعوباتها، يتنفس عبير أحلامها، وأمنياتها، فإنه سيقرأ ما يريده، ويتعلم ما يريده، ويشعر بنبضات قلبه، كأنه الشخص ذاته في تلاقح مشتركاته معه.

إنه، في هذه الحلقات، التي لا أعلم عددها الرقمي إلى أين سيصل، سأبحر في حياة الصحفي حسين عبد الله الجشي “حسين كاظم”، المنحدر من بلدة الجش، الذي التحق بالمجال الإعلامي عام 1400هـ، صحفيًا، متعاونًا في القسم الرياضي بجريدة اليوم، والوقوف على ظل محطاته الإعلامية، نستظل بها عن زخات المطر، أيضًا الاستمتاع بمنظر حبيبات الغيم، هطولًا، تكسب الطبيعة من جمالياتها، ما هو الأروع.

كانت السطور الأولى للصحافة عند الزميل حسين كاظم، بعد تخرجه في الثانوية التجارية عام 1400هـ، ليبدأ كتابة سطوره الأولى في جريدة اليوم، منظمًا، كصحفي متعاون إلى أن أصبح رئيس القسم الرياضي بالنيابة.

عاصر حسين كاظم بداية النهضة الرياضية في السعودية، وساهم بدور بارز لما كانت له مدرسته الخاصة في الألعاب المختلفة، وأندية الظل، ورجع له الفضل في تسليط الأضواء، وبروز لعبتي اليد، والطائرة وخاصة الأولى، وكانت تغطيته تحظى بمتابعة جماهيرية واسعة، وبسببها ازدادت شعبية الألعاب للجماهير، الأمر الذي جعل اسمه الصحفي، يرتبط بتطور الألعاب المختلفة.

هنا، وفي بداية مشواره الصحفي، وفي تلك الحقبة الزمنية، التي مر عليها قرابة الأربعين عامًا، استطاع -حسين كاظم-، أن يكون أيقونة في الإعلام الرياضي، فكان عاشقًا ليراعه وقرطاسه، متعلقًا بالألعاب المختلفة، وما هذه السنوات العشبية التراب، واستمراره في العمل الصحفي، للآن، ومستقبلًا، إلا دليل على عشقه، وفي ذلك، يهدينا باقة حمراء، فوّاحة رائحتها، مكتوب فيها، إن أردت أن تنجح، وأن تستمر في عملك، عليك أن تعشقه، وتبدأ الخطوة الأولى، وتستمر، فلكل نجاح آهات، وفي عمقه راحة، وانتشاء.

في الماضي، لم تكن التكنولوجيا، والتطور في التواصل مع الآخر، كيومنا هذا حيث إن المادة الصحفية، من الحصول على المعلومات، وعمل اللقاءات، كتابتها، وإرسالها إلى الصحيفة، كيومنا، تتمتع بالسهولة، لكنها حين ذاك، تتطلب جهدًا، لتكن بين أنامل التحرير، وبعدها يتم النشر.

ونظرًا لتميزه، تم اختياره لعضوية اللجنة الإعلامية بالاتحاد السعودي لكرة اليد، في أيام رئيس الاتحاد السعودي لكرة اليد، العقيد عبد الرحمن الفدا.

لم يكن -الجشي-، مقتصرًا في كتابته على المجال الرياضي فقط، فإنه كان يتواصل، مع الجريدة في أخبار محلية وثقافية ورياضية، مكتسبًا الخبرة، وفي زاويته هذه، نقرأ، أن المشتغل صحفيًا، ينبغي عليه، أن يكون مثقفًا، ليس فقط في مجال تخصصه، وإنما الثقافة العامة، تفيده، ولها تأثيرها على كتابته، فكلما توسع العقل بالمعرفة بألوانها المختلفة، وأخذ من كل بحر قطرة، بل قطرات، تأتي عبر تغذيتها الراجعة على ما ينسجه اليراع.

يهمس في أذني، حين كنا في القرية، بأن رؤيته الإعلامية، منذ نعومة أظفاره في هذه الضفة؛ أن الصحفي رمز لخدمة المجتمع بكل أطيافه، إذا عرف قيمة اليراع.

السؤال، الذي يطرح ذاته، ماذا يقول -الجشي-، للمشتغل صحفيًا في الرياضة، وما هي مقومات تألقه، وكيف ينبغي أن يكون؟


1- الإمام علي عليه السلام



error: المحتوي محمي