هل يعلم الأثرياء والتجار؟.. ليتهم يعلمون

ليس من العدل أن يبتعد البعض من الأثرياء والتجار عن الشراكة المجتمعية، وأن يصبح جل همهم هو جمع الأموال وارتفاع أرقامها في البنوك، من دون المرور على الجمعيات الخيرية والتبرع ولو بالقليل للشراكة المجتمعية ودعم العمل الاجتماعي.

لا بدا للأثرياء والتجار في مجتمعنا من النظر إلى المجتمع بعين الاهتمام، والمشاركة في دعم العمل الاجتماعي والخيري، لا سيما أنهم عاشوا وتربوا واغتنوا في محيطه، ولنأخذ الأعضاء المؤسسين لجمعية سيهات الخيرية وعلى رأسهم المرحوم الحاج عبدالله المطرود مثالاً يقتدى بهم في الشراكة المجتمعية.

عندما ذكرت الحاج عبدالله المطرود وأخذته رمزاً لدعم الشراكة المجتمعية، هذا ليس تنقيصاً في حق أحد من رجالات مجتمعي ممن يدعمون الشراكة المجتمعية والعمل الاجتماعي، ولكنه -رحمه الله تعالى- كان هو على رأس مؤسسي جمعية سيهات الخيرية الذين رحلوا عن هذه الحياة وتركوا لهم إرثاً اجتماعياً لدعم الفقراء والمحتاجين في المجتمع، والعديد من المشاريع التي تركوها لأبناء مجتمعهم تؤسس اليوم.

إن قيام الأثرياء وأصحاب رؤوس الأموال بدورهم الحقيقي تجاه المسؤولية الاجتماعية لن يخل بالميزانية المالية التي يمتلكونها، لكنه يضمن إلى حد ما دعم المحتاجين في المجتمع، والمساهمة في سدّ الكثير من احتياجاتهم ومتطلباتهم، وإذا نظرنا إلى العالم فهناك مئات الأثرياء يتنافسون على التبرع بمساعدة الفقراء والمرضى ولبناء المدارس والجامعات وغيرها، فأين الأثرياء والتجار في مجتمعنا من هذه الأعمال الخيرية؟

لا نعرف ما هي الأسباب التي تقف أمام بعض الأثرياء والتجار في المجتمع وتدعوهم إلى العزوف عن المساهمة في دعم المشاريع المجتمعية في حياتهم، ولماذا يركنون إلى وصيتهم بعد مماتهم وهم غير متأكدين أن الورثة سينفذون وصاياهم؟ والواقع هو أن كثيرًا من الأثرياء ماتوا وتركوا وصيتهم لكنها لم تنفذ لاختلاف الورثة فيما بينهم، ومن هنا لا بد أن نشير إلى أن الكثير من رجال الأعمال والتجار وأصحاب الثروات الكبيرة في مجتمعنا على وجه الخصوص مقصرون تقصيرًا كبيرًا في مساهماتهم الخيرية والاجتماعية والإنسانية في حياتهم.

من منا لا يعرف “بيل غيتس” وغيره من أغنياء العالم الذين تركوا الملايين والمليارات وتبرعوا بها وهم أحياء، وأشرفوا على تنفيذها في حياتهم، بل أنشأوا مؤسسات لرعاية هذه الأموال بعد مماتهم، لكن ما الضير أن نسمع أن تاجراً أو سمسارًا في العقار أو رجل أعمال تبرع بأرض لإنشاء عمارة سكنية للفقراء والمساكين ولو بإيجار رمزي مثلًا، فهل هناك فهم خاطئ لدى بعض الأثرياء والتجار في المجتمع في مفهوم الخدمة والمسؤولية الاجتماعية التي تقع عليهم.

الدور الاجتماعي لدى بعض الأثرياء في مجتمعنا لم ينل حظه في دعم الشراكة المجتمعية ويكاد يكون ضعيفًا لدى بعض التجار، وعلى التجار والأثرياء تحمل مسؤولياتهم الكبيرة والمهمة تجاه مجتمعهم، وذلك بتخصيص جزء من أموالهم لمشروعات تنموية تخدم المجتمع في حياتهم وليس بعد مماتهم، والفرصة متاحة لهم وهم أحياء أما بعد مماتهم فلا يعلم أحد ما يمكن أن يقوم به الورثة تجاه أموالهم.

ختاماً يحكى أن أحد الحكماء أوصى عندما يموت بألا يشيعه إلا الأطباء، وأن يُجمع الذهب والفضة ويتم رميها أثناء تشييعه، وأن تظل يده مفتوحة خارج الكفن..! وعندما سألوه ما الحكمة في ذلك قال: “أما لا يشيعني إلا الأطباء فتعني؛ عندما يأتي الأجل المحتوم فالأطباء يقفون عاجزين عن إنقاذي، وأما رمي الذهب والفضة أثناء التشييع؛ فتعني أن المال والأملاك لن ترحل معك ولن تنفعك عندما يحين رحيلك، وأما اليد المفتوحة فتعني؛ أن الإنسان عندما جاء إلى الحياة الدنيا جاء خالي اليدين وسوف يغادرها خالي اليدين كذلك”..!
قال تعالى: {وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَمَا تُقَدِّمُوا۟ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَیۡرࣲ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ}.


error: المحتوي محمي