الحقيقة أن المثابرة على الشيء تصنع تفوقا فيه، أو لا أقل من تقدم يضع صاحبه في مقدار جيد من الإحاطة، كلمة «لا تفعل فلن تقدر» أو «خذها على بلاطة أنت غير موهوب» أو ما شابهها من الجمل يمكن أن تثبط المعني بها إلى القدر الذي يجعله يتوقف تماما عما ابتدأ به، هنا سيكون لهذا الناقد الفضل في وأد موهبة قد تشكل فيما لو مُنحت التشجيع قيمة ورقما مهما من أرقام المبدعين.
سادية النقد صفة بغيضة تعبر أكثر ما تعبر عن مرض ذاتي مستحكم في النفس أو لنقل عقدة نقص، هذا لأن الناقد يمارس تعاليا لا يتمثل في الغالب إلا فيمن يعاني بقدر ما من الدونية، يمثل التحفيز في علم النفس الجانب القادر على صناعة دوافع الوصول إلى الأهداف، والمثابرة على ذلك من خلال تكرار المحاولة حال الفشل، نقيض هذا العنوان هو التثبيط، وهو الذي يمنح الإنسان ما يجعله متيقنا من الفشل، معتقدا بعبثية تكرار المحاولة، هكذا أمر هو من الخطورة بحيث يتسبب في توقف شخص عن مشروع معين كان يمكنه فيما لو ثابر عليه من الوصول إلى درجات عالية من التقدم والإبداع فيه، الحق أنَّ نسبة غير قليلة من البشر حتى أولئك الذين يُصنفون بأنهم غير ممتلكين للمواهب الفنية، قادرين متى ما تأصل فيهم الحب لعلمٍ أو فنٍ ما من الوصول لدرجات متقدمة فيه، وحده المُثبط من يستطيع أن يعطل هذا الحب وهذه المثابرة ليجعل صاحبها غير قادر على الإبداع والعطاء، وربما كارها لهذا العلم أو الفن.
في تصوري أنَّ «التشجيع» صفة إنسانية أخلاقية ينبغي أن يتحلى بها الجميع، هكذا يمكن للوالدين أن يصنعوا أولادا متفوقين بالتشجيع والتحفيز، وهكذا يمكن للمدير أن يصنع الموظفين المبدعين، وهكذا يمكن لكل صاحب علم وفن أن يمنح من حوله ذلك، وحينما يستبدل كل هؤلاء هذا التشجيع بالتثبيط، حينها فقط يمكن أن يتحول من يملك طاقة إبداعية كطاقة أينشتاين أو نيوتن أو ستيفن هوكين، إلى مجرد شخص هامشي ومهزوز لا يملك البتة أي تفوق في علمٍ أو فن.
المصدر: آراء سعودية