ما بين الحب واللاحب، اللقاء والفراق، البحث عن الذات والبحث عن الآخر، تفتتح رواية “فنجان قهوة” للكاتب محمد مال الله؛ حيث الرحلة ستنطلق بوحيد والديه الشاب “أحمد”، وهو في مقتبل العمر إلى بلد أوروبي؛ كي يتعلم فنون العيش المنفرد، إذ لتوه قُبل في الجامعة البعيدة عن منطقة سكن عائلته.
الأحداث تتنوع بين داخل البلد وخارج البلد، وفي أغلبها تصف حياة الشباب والشابات أثناء الدراسة الجامعية، فأحمد لديه جميع المقومات؛ ليتفوق على الآخرين ويحوز مرتبة الشرف، وهو أيضًا محط أنظار والديه، وثقتهم اللامحدودة، ولدماثة أخلاقه يصبح الجميع أصدقاءه، بما فيهم المعلمون، والمسؤولون داخل الجامعة.
يمكن وصف أحمد بكلمة واحدة: “هو الابن الذي تتمناه كل عائلة”، فسلوكياته المستقيمة وأخلاقه غير المنحرفة، واحترامه لوالديه، وحب المساعدة للآخرين، هي قيم أساسية يرغب الآباء في توفرها لدى أبنائهم، والرواية جاءت لتكريس هذه الفكرة.
نحت الرواية إلى البعد عن الفنيات الكتابية، بل أهملتها قصدًا، للغوص أكثر داخل الجانب السلوكي والأخلاقي “التوجيهي”، فالفصول الكثيرة تنتهي بعبارة توجيهية للقارئ، الهدف من ورائها اكتشاف نفسه أو محيطه، والحذر من الطريق الذي يمكن أن يؤدي به إلى السقوط.
هكذا تتحول الرواية من عمل فني إلى صيغة خطابية تمارس دورها التوجيهي تجاه الشباب والشابات، الشباب الذين يمثلهم أحمد والشابات اللواتي تمثلهن فاتن، فما بين هاتين الشخصيتين تنبني الأحداث وتصل إلى خاتمتها، ويحصل اللقاء المنتظر بين حبيبين افترقا ثلاث سنوات وأكثر.
رواية قصيرة، أشبه بالقصص الأخلاقية الهادفة، تحاكي مشاكل الشباب ومشاعرهم إبان فترة هي من أعقد وأخطر فترات حياتهم، ألا وهي فترة الخروج من رعاية الآباء، إلى زحمة الحياة، وصعوباتها، ومغرياتها، وقد كتبت بأسلوب سهل، وقريب من النفس.