الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعباً طيب الأعراق
من هنا سأبدأ حديثي من مطلع هذه القصيدة وهي للشاعر الكبير حافظ إبراهيم وتسمى قصيدة العلم والأخلاق.. استوقفني مطلع هذا البيت الشعري الجميل الذي يتحدث ويصف فيه عظمة ودور الأم السامي.
نرى أن الأم لعبت دوراً بارزاً في وقتنا الحالي ووسط هذه الظروف القاهرة التي ظهرت فيها هذه الجائحة بشكل كبير.
هناك جوانب كثيرة وكبيرة تتحدث أيضاً عن دور المرأة في الأسرة. وهو أن الأم تختلف تماماً عن الرجل من ناحية التربية والتعليم داخل المنزل. لهذا خلق الله المرأة وأودع في داخلها خصائص فريدة من نوعها، فهي مصدر حنان وحب وعطف وعطاء بلا حدود وقدرة على الصبر.
وبالتالي بالرغم من كونها مربية فاضلة إلا أن لها القدرة أكثر على التربية وعلى صناعة الإنسان وأكثر قدرة على العطاء والتعليم وقضايا أخرى كثيرة تدخل فيها المرأة. من هذا الجانب قد تتميز وتختص المرأة عن الرجل.
بهذه الصفات والخصائص تصبح مدرسة. مدرسة بمعنى الكلمة أي أنها منهج قويم يحتوي على قيم ومبادئ ومعارف يحتوي على كل ما تعنيه وما تحمله المدرسة من معنى.
يلجأ إليها ليس فقط الأطفال بل حتى الرجل كونها زوجة، وأماً، وأختاً فهي ملاذ وملجأ وبالتالي يشعر الإنسان بالأمن والاطمئنان والإحساس بالراحة والأستقرار. وحين تتوفر هذه الوسائل لديه سيكون أكثر قابلية لتلقي العلم وأكثر انفتاحاً من هذه الإنسانة.
كل العظماء الذين نراهم اليوم إنما تعلموا وإنما أبدعوا وأنجزوا وتحققت أهدافهم وطموحهم.. وكما يقال دائماً “وراء كل رجل عظيم امرأة” لأنها امرأة في عالمها الخاص في داخل منزلها وأسرتها استطاعت أن تنتج إنساناً عظيماً يستطيع أن يكون مبدعاً معطاء ومتميزاً. فالأم حين نقول إنها معلمة ومدرسة ليس هذا عنواناً تأخذه المرأة بشكل رسمي من الوزارة أو من المدرسة أو تكون لديها شهادات عُليا ورتبة عالية من البكالوريوس والماجستير وغيرها.
المرأة مدرسة حتى داخل منزلها بين أسرتها عندما تلقنهم من فيض عطاياها من حب واحتواء وإيواء وعطاء وعطف وحنان.
نعم تستحق المكافأة عرفاناً وإكراماً لمقامها العالي وإجلالاً واحتراماً واعترافاً بدورها وإسهاماً لعطاياها إلا محدودة في التربية. إلا أنها حقيقة أكبر المعلمين.
وحين نقول إن المرأة خرجت للعمل لتزاول مهنتها وتتحمل مشقات هذه المسؤولية لبناء أفرادها وصقل شخصيتهم.
الاعتقاد الصحيح أن الأم هي المعلمة الأولى والمُدرّسة الجديرة بالذكر لهذا العمل الناجح في مجال التربية والتعليم الخاص في بيئة المنزل.
من هذا المنطلق نرى شذرات وإطلالة نورانية في حياة النبي الأكرم محمد صلوات الله وسلامه عليه ليبرز لنا هذه المسألة من خلال دراستنا والاطلاع على حياته وسيرته المباركة علاقته مع زوجته السيدة خديجة سلام الله عليها لنتعلم ونرى كيف أنه يلجأ إليها في أوقات الشدة وكيف أنها كانت تمثل الحضن الدافئ الآمن إليه بل كانت ملاذاً وحصناً منيعاً قوياً وكان أيضاً يكنّ لها حباً عظيماً للدور الذي مارسته في حياته أثناء تأدية رسالته. كذلك علاقته بابنته السيدة الزهراء سلام الله عليها. لذلك سميت أم أبيها لأنها عاشت هذا الدور الكبير. لأنها كانت مصدراً للحب والحنان والعطف كلما أغدق عليها من عطاياه وفضله كما ظهر عليها في حياتها وسلوكها في علاقتها مع زوجها وأبنائها بل حتى من هم حولها.
إليك يا سيدة العطف يا كل الحب يا روضة الحنان والأمان يا بستان من زهور يفوح شذاه في جنتك وتحت قدميك الطاهرتين بروحك الشفافة البيضاء ودعائك وصلاتك لله رب العالمين.
ليس في العالم وسادة أنعم من حضن الأم.