اختار لنفسه أن يكون فنانًا بخط أو خطاطًا بفن، بعد أن زاوج بين جمال خطه وعدد من الفنون، فمنذ طفولته وضع أمامه تحديًا في تعلم أساسيات الخط وإتقانه، وحين تمكن من إنجاز تحديه، تجاوز ما تعلمه إلى ابتكار خط خاص به، ولم يكتفِ بذلك، بل جعل منه ختمًا لأعمال فنية برع في تنفيذها، ما بين فن الجرافتي، والنحت، وصولًا إلى تصميم المجوهرات.
بدأت حكاية علي حسين أحمد آل حمود مع جمال الخط منذ مراحل دراسته الأولى، ورغم أنه لم يحظَ بتشجيع من محيطه سيما في المدرسة إلا أن العناد وتحدي النفس غالبًا كانت ومازالت دافعه للتطور -حسب قوله-، ولأن مسيرة أي مبدع لا تخلو من مشجع فقد ظهر مشجعه في واحدة من مراحل مشواره، وتحديدًا في المرحلة المتوسطة، حين حظي بتشجيع حفي من معلم التربية الفنية أنور الجنوبي.
صقل الموهبة
صقل آل حمود موهبته في الخط بدورتين، كانت الأولى أساسيات النسخ مع الخطاط علي السواري لمدة شهرين في عام 2011، ثم أساييات خط النستعليق مع الخطاط سيد عدنان درويش لمدة أسبوعين في عام 2019، وقد وصفهما بقوله:” تلك الدورتان ساهمتا في النقلة الأخيرة لأسلوبي في الخط”.
ألِفٌ وابتكار
يلقب علي بـ”ألف”، وهو لقب اختاره لنفسه فنيًا، وعن سبب اختياره يجيب:” أول حروف الهجاء، وأرشقها وأبسطها وأصعبها وأعلاها هامة”.
وكما اختار لنفسه اسمًا فنيًا مختلفًا، صمم لأنامله بصمات خاصة، لا تحتاج إلى تحليل وكشف لتعرف أن أصابع آل حمود قد مرت على ذلك الجدار أو الورقة أو قطعة خشب أو حلي.
يتحدث عن ذلك الخط بقوله:” الخط من ابتكار قلبي الخارج عن المألوف، ولست مهتماً بإطلاق اسم عليه، على الأقل حاليًا، فتركيزي الأكبر في صقله والنهوض به إلى درجات أعلى من الجمال والتناسق”.
ويتابع:” في الفترة الأخيرة ابتكر عدد لا بأس به من الفنانين أساليبهم الخاصة للجرافيتي العربي، التشابه وارد في نقاط معينة لكون المصدر نفسه؛ الخطوط العربية الكلاسيكية”.
بـ الفن.. شتائم أصابعه
عرف علي آل حمود في المنطقة كواحد من فناني الجرافيتي، وعن حكايته مع هذا الفن يروي لـ «القطيف اليوم»:” في إحدى انقطاعاتي الكثيرة، وخلال تصفح أعمال فنية على اليوتيوب، جذبني عمل جرافيتي للفنانة MAD C لأكبر جدار سجل باسمها، ولم أسمع في الأسبوع الذي يليه غير شتائم أصابعي لي من ألم البخاخات”.
يجعلك آل حمود في حيرة حين تسأله عن معلمه في فن الجرافتي، فهو لم يخضع لدورات خاصة ولم يلتحق بصفوف لمعلمي هذا الفن، ورغم ذلك هو لا يعتبر نفسه قد تعلم ذاتيًا، يقول:” أود القول بأنني ذاتي التعلم، ولكن التعليم الذاتي محض هراء! فأنا مدين لكل علم ولكل فنان مررت به أو بفنه في رحلة التعلم والتطور”.
في الفناء الخلفي
اتخذ آل حمود من الفناء الخلفي لبيته في عام 2014، مكانًا لأولى لوحاته الجرافيتية، فقد ملأ امتداد الفناء الخلفي لمنزله بمحاولاته الأولى للجرافيتي العربي، وقد كان أقربها لقلبه جدار صغير يحمل اسم ولده “جواد” ومازال يحتفظ فيه حتى اليوم.
جدران شعرية
ينحدر علي من بلدة الربيعية، وهي البلدة التي احتضن 12 منزلًا منها خطه بأسلوب جرافيتي خاص فيه، عن ذلك يقول:” اشتغلت على تلك المنازل بعبارات تطن في أذني وقتها أو بيت شعر يراودني”، مضيفًا:” ذكرني سؤالكم هذا بأنه مضى وقت طويل لم أعانق فيه بعض الجدران، لي دردشة عما قريب مع جدار ما هنا إن شاء الله”.
قصيدة في حمام تاروت
اختير آل حمود في عام 2014 لتنفيذ لوحة فنية على جدار “حمام تاروت” وقد وشمه بقصيدة للشاعر السيد عدنان العوامي، يحكي قصة ذلك الجدار:” كان العمل تحت مظلة “معاً واحتنا أجمل”، الذي شارك فيه كبار فناني المنطقة، وتم اختياري لتنفيذ هذا الجدار، وكان التحدي في ما يقبع خلف الحمام وتاريخه، وكان اختيار الألوان هو الأصعب، في النهاية صممتها بألوان المكان واخترت قصيدة للشاعر السيد عدنان العوامي الذي يقول في مطلعها:
تاروت ! جئُتك مكدود الخطا تعبا .. أجرُ خلفي تاريخاً وظل صبا.
بالعامية
شارك علي في عدد من المهرجانات منها مهرجان الدوخلة وواحتنا فرحانة في عام 2014، ثم في عام 2015 شارك في مهرجان الأحساء لتتمور المصنعة، وتوقف بعدها عن المشاركة في المهرجانات، وانقطع عن الفن لثلاث سنوات، وهي الفترة التي وصفها بـ” كانت جافة جدًا، هرمت فيها من الداخل، حتى عدت للحياة قبل سنتين”.
ويضيف:”أجمل تلك المشاركات كانت في واحتنا فرحانة، حين كتبت في الجدار كلماتنا المحلية التي اندثر أغلبها، ووقف خلفي الكثير من الناس وملأ أعينهم حب وهيام للهجة وكلماتها، وكانوا يمدونني بالمزيد حتى اكتمل الجدار”.
نحتٌ بسكين المطبخ
حين تتصفح حساب آل حمود في الإنستجرام، ستقرأ العربية بصوت الخشب، ستجذبك كلمات رقيقة تحولت إلى أوان خشبية صغيرة، وستتعجب حين تعلم أن بداية الحكاية كانت سكين مطبخ وخشب لتدخين اللحم.
يروي حكايته:” انغمست في نحت الخشب منذ عام تقريبًا، وقد أدخلت فيه أسلوب الخط خاصتي، فقد كانت لدي حزمة من خشب الكرز أستخدمها لتدخين اللحوم، وهناك في وقت الغروب أهز كرسيي وأراقب مقياس الحرارة للشواية، لا أعلم كيف، لكنني قمت من مكاني لأشحذ سكينًا للطبخ وشرعت في نحت إحدى قطع الخشب”.
ويمضي في حكايته:” انتهيت منها في اليوم التالي، بعد تسع ساعات من النحت والشحذ والتقليب وبعض الجروح، وقد كانت تلك الملعقة رقم 1″.
أصدقاء الخشب
تستند أصابع آل حمود لتنجز تحفه الخشبية على أصدقائها من سكاكين وأزاميل، يذكر: سكين النحت (مورا 120) غالبًا هي صديقتي للقطع الصغيرة، مع بعض الأزاميل الصغيرة، أما الأخشاب فأستخدم خشب الكرز والجوز وبربل هارت والسيكامور، وقد كان النوعين الأخيرين تحديًا لشدة قساوتهما، ولكن المتعة ترتفع مع رفع سقف التحدي.
ويبين عن وقت العمل المستغرق لإنجاز أي قطعة:” كلما ازداد التصميم تعقيدًا وكلما كان الخشب المختار أكثر قساوة، زاد وقت العمل، وهو يتراوح في المنحوتات الثلاث الأخيرة التي عملتها بين 29 ساعة و42 ساعة”.
حروف ثمينة
تحولت أحرف علي إلى حلي ومجوهرات تتزين بها السيدات، بطلب منهن، فهو يصمم كل قطعة بطلب خاص من صاحبتها، ويعمل على رسم التصميم مع من تطلب تلك القطعة حتى يصل معها إلى نتيجة ترضيها.
وبدأت حكايته مع تصميم المجوهرات عن طريق الصدفة، رغم أن الفكرة كانت تزاور مخيلته بين حين وآخر، وقبل بضعة أشهر طلبت منه الفنانة زينب الماحوزي تصميم خاتم لها يحمل كلمة “حب”، يقول:” كأنها قرأت الفكرة في رأسي ووضعت عليها توقيع الموافقة دون شروط، لم أشكرها كفاية، ولا تكفيها كلمة شكراً، كانت تلك أولى صفحات حكاية بدأت للتو مع المجوهرات.