قال تعالى في محكم كتابه: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن ٢٦-٢٧]
أمي الغالية والحنونة/
الحاجة المؤمنة خادمة الإمام الحسين شواخ محمد علي منصور آل إبراهيم (أم فاضل).
كلمات نسجتها دون أن أُعطي قواعد اللغة الحرية في فصاحة الكلام وبلاغة البيان وإنما سمحت للقلم أن يكتب ما يُخط به.
بين ولادة الإنسان ومماته جسر يربط الإنسان بواهب الحياة وسالبها وباعث الأرواح وقابضها.
فبالموت ننتقل من عالم الدّنيا الضيق إلى عالم البرزخ الواسع، تماماً كانتقال المرء بالولادة من عالم الرّحم إلى عالم الدّنيا، ففي عالم البرزخ تنكشف للإنسان حقائق لم يكن قد شاهدها أو علم بها قبل الموت.
ورد عن الحبيب المصطفى محمد بن عبدالله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آل بيته الطاهرين ما يجرى على المؤمن بعد عروج روحه إلى الملكوت.
«أول ما يبشر به المؤمن روح وريحان وجنة نعيم، وأول ما يبشر به المؤمن أن يقال له: أبشر وليَّ الله برضاه والجنة، قدمت خير مقدم، قد غفر الله لمن شيّعك، واستجاب لمن استغفر لك، وقبل من شهد لك».
فما هذه السنوات التى عشتيها أيتها الوالدة الغالية.
سنوات عمرك الغالي الذي قضيته بين ترانيم العبادة من إقامة صلوات واجبة ومستحبة وبين قراءة القرآن وتلاوته وتعلمه وتعليمه لطالباتك اللاتي يعتبرنك أماً لهم.
كما قضيته بين المداومة على الدعاء في آناء الليل وأطراف النهار، وبين صيام الواجبات والمستحبات وبين قضاء شطر من الليل في تأدية صلاة الليل التي من صلاها أنس بالقرب الإلهي.
وبين ذاك وتلك أصل إلى تلك الدموع المنهمرة من عينيك حرقة وألماً لمصاب ابن الزهراء.
قري عيناً يا أمي الحبيبة؛ لقد استطعت أن تربي ذريتك تربية أخلاقية حسينية ولائية، وتغرسي القيم والمبادئ والعفاف في نفوسهم إذ ربطتهم بأصل الولاية والثبات عليه وشجعتهم دائماً على زيارة المراقد الطاهرة، والذوبان فيهم والسير على نهجهم.
لكن دق الرحيل بابه ليتوجك بتاج العزة والكرامة معلناً
رحيلك المؤلم الصامت.
فرحلت يا من كنت نور البيت وبركته وصفاءه.
رحلت يا من لم تردي سائلاً يقرع باب بيتك.
رحلت يا من أنفقت بسخاء ومحبة على المآتم الحسينية
رحلت يا من عشقت الإمام الحسين عشقاً أبدياً سرمدياً أزلياً.
رحلت عن عالم الوجود إلى عالم الخلود وكانت آخر كلمة قلتها وسمعتها (وإماماه)
رحلت وكان رحليك أشبه بالصدمة الكهربائية.
إنه القدر الذي فرقك عن أحبتك حيث شاءت الرحمة الإلهية أن ترحلي إلى ملكوت السماء في يوم ٦-٢–١٤٤٢ وأن تكوني في ضيافة أهل البيت الأطهار.
أمي الحبيبة..
وإن رحلت عن هذه الدنيا الفانية، فسوف تبقي في ذاكرة الجسد والروح ما حييت.
اللهم أنا نسألك صبراً جميلاً.
اللهم آنس وحشتها بنور المستوحشين في الظلم.
ألف رحمة ونور تنزل على روحك الطيبة وروح والدي الغالي وروح ابنتكما الشابة السعيدة (كفاية).