الموضوع: النادي الرياضي ماذا يعني لنا؟

مفهوم النادي هو مركز تجمع لشريحة من المجتمع في مكان معين، تهتم بنشاط معين أو عدة نشاطات اجتماعية أو فكرية أو رياضية، وبمعنى مبسّط فالنادي هو بيئة نشاطات متعددة، تتم خلالها صناعة وبناء علاقات اجتماعية متنوعة وواسعة، وهو مركز ترفيهي نفسي وجسدي وفكري، ومن خلال هذه التعاريف، يتضح أن النادي بمثابة مطبخ لخبرات حياتية واسعة ومتنوعة ومتفاوتة في الأعمار والأفكار والخبرات.

والنادي مؤسسة اجتماعية مهمة جدًا في المجتمع، لا تقل أهميتها عن أي مؤسسة اجتماعية تقوم بأدوار مماثلة لها، بمعنى؛ لو فرضنا أن في المجتمع مؤسسة جمعية خيرية لمساعدة الضعفاء من أبناء المجتمع، وهي مهمة جدًا وينبغي الاهتمام بها ودعمها من كل أبناء المجتمع، لأنها تخلق حالة الترابط الاجتماعي وتخلق روح الأخوة الاجتماعية والمحبة الأسرية الاجتماعية، فإن النادي الرياضي الاجتماعي كذلك، هو على نفس المستوى تمامًا بما يقوم به من دور فاعل، حيث إن وجوده في قلب المجتمع يعني وجود مركز حماية لأبناء المجتمع من أي آفة أخلاقية مدمرة، وهو مركز ثقافي صحي يهتم ببناء العقل والجسم والفكر.

إذن، النادي الرياضي والجمعية الخيرية مؤسستان كل منهما يقوم بدور اجتماعي مهم جدًا وهما جناحان يحلق بهما المجتمع، وينبغي المحافظة على هذا التوازن المنفعي والخدمي، والمجتمع الواعي والمثقف والمدرك هو القادر على تدعيم هاتين الركيزتين الاجتماعيتين.

وكما أن للجمعية الخيرية دورها في مساعدة الضعفاء من أبناء المجتمع، فهي تمثل أيضًا مرآة وركيزة وواجهة للمجتمع عند الآخر، وكذلك النادي الرياضي فهو على نفس الدرجة من التطلع والاهتمام لدى الآخر، وأي تقصير اجتماعي حيال إحدى هاتين المؤسستين الاجتماعيتين أو أي مؤسسة اجتماعية تدر منفعة على المجتمع بأي شكل من الأشكال، فذلك يعني قصورًا في الوعي والإدراك والتطلع المستقبلي عند أبناء المجتمع.

إن الدين الإسلامي شمولي في كل أمور حياة الفرد، حيث اهتم بأدق تفاصيل حياة الإنسان، ومن ذلك اهتمامه بالجانب الصحي والحركي والرياضي والفكري والاجتماعي للإنسان، وقد تبين هذا الاهتمام على لسان الصحابي الجليل سلمان الفارسي لأخيه الصحابي أبي الدرداء عندما زاره فوجده قد انقطع للعبادة وأهمل حق زوجته وحق نفسه فقال له (إن لبدنك عليك حقًا)؛ أي أنك سوف تُسأل عن بدنك وصحتك يوم الدين، وإذا أهملته ستؤثم وتعاقب، وقال الله تعالى في آية قرآنية من [سورة الشعراء آية ٨٠]:  {وإذا مرضت فهو يشفين} وهذه دلالة أخرى، فربنا يطلب منا السعي للتداوي والشفاء وإعادة الجسم لحالته الصحيحة والصحية.

ومن هذا المقال أوجه دعوة اجتماعية وإنسانية لي ولكم، بالاهتمام بالمؤسسات الاجتماعية بشكل متساوٍ وعلى نفس الدرجة والقدر من الاهتمام، وبما أننا نرى القصور الواضح من أبناء المجتمع تجاه هذه المؤسسة الاجتماعية المتمثلة بالنادي الرياضي، وهو يعتبر عصب المجتمع والبيئة الحاضنة والحافظة والصحية له، وهو كذلك حصن لأبنائه من أي آفات أخلاقية، فينبغي العودة له، وإعادة فعاليته الاجتماعية كما ينبغي وكما هو، فالنادي الرياضي ليس مقتصرًا فقط على الجانب الرياضي فحسب وإن كان مهمًا وغاية أساسية لكل فرد في المجتمع، ويعتبر من أهم جوانبه، إلا أنه كما أشرنا يمثل مركزًا اجتماعيًا لصناعة علاقات اجتماعية جديدة، وتمتين العلاقات القديمة وتطويرها، والتوسيع من خبرات الفرد من خلال احتكاك بعضهم بعض، وهو بمثابة الحراك الفكري والثقافي.

فرصة جميلة هنا أن أذكر النادي الرياضي في منطقتي تاروت، لا تحيزًا له ولكن أظن حاله حال الكثير من النوادي الرياضية التي أصبحت مهجورة وشبه يتيمة وعاجزة عن الحركة والقيام بدورها الاجتماعي كما ينبغي له، وذلك نتيجة الإهمال والتجافي الاجتماعي عنه. وقد نما لعلمي أن نادي الهدى بتاروت يلفظ أنفاسه الأخيرة، بسبب إهمال وهجر أبناء مجتمعه له، حيث لا يتجاوز عدد أعضائه ثلاثة عشر عضوًا فقط! فهل هذا مقبول اجتماعيًا أو يتناسب مع هذا المجتمع الذي تفيض منه الكفاءات العلمية والخبروية على كل الصعد؟ أترك الإجابة إلى أبناء مجتمعي الحبيب، ولكن أسأل نفسي كيف يصمد هذا النادي الرياضي أو هذه المؤسسة الاجتماعية الكريمة تحت هذا الظرف الصعبة؟  هل تحرم الأجيال القادمة من التمتع بمميزات هذا النادي التاريخي أم ماذا!. ينبغي على المجتمع إعادة التفكير لإعادة حيوية هذه المؤسسة الكريمة والمهمة حتى لا يعاب مجتمعنا على هذا التقصير وحتى لا تغضب منا الأجيال القادمة، وأن يكون التفكير تفكيرًا جمعيًا وعصفًا ذهنيًا عاجلًا جدًا، لأن نادي الهدى حاليًا في وضع إسعافي طارئ، وعلى الجميع أن يتدارك هذا الوضع ويتحمل مسؤولية إسعافه، وإلا فإن الضرر سوف يكون على الجميع.

والنادي بإمكانياته المتواضعة الذي يعلم عنها البعيد قبل القريب حقق إنجازات رائعة، بقيادة إدارته السابقة المتمثلة في فراس المحسن، وهنا أتوجه بالشكر الجزيل له وإلى جميع طاقمه الإداري والرياضي على مجهوداتهم الرائعة والمباركة وعلى تحملهم عناء المسؤولية الصعبة، فمن حقهم علينا التكريم والتقدير، كما أنتهز الفرصة وأبارك إلى الإدارة الجديدة للنادي المتمثلة في وصفي البصارة وجميع طاقمه الإداري والرياضي، وأسأل الله لهم كل التوفيق والنجاح والسداد وتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقهم وأن يبذلوا ما بوسعهم من جهد، ونحن على ثقة بذلك، وأن يوفقوا في مضاعفة أعداد مشتركي النادي في ظل إدارتهم المباركة وأن يصلوا إلى مائة وثلاثين ألف عضو مشترك بإذن الله تعالى، وأن يحققوا إنجازات رياضية جديدة في كل الألعاب الفردية والجماعية، وكذلك إعادة روح النادي ثقافيًا وفكريًا واجتماعيًا وفنيًا.

لنتذكر أن النادي الرياضي هو ركيزة اجتماعية مهمة، بل هو أيقونة رياضية وصحية وثقافية ودينية وفكرية واجتماعية وفنية، ولنتذكر كذلك المقولة الرائعة في الرياضة: “الرياضة تعلمنا الأخلاق أولًا، قبل إحراز البطولات، وجزيرة تاروت حضارة ضاربة في عمق التاريخ، وينبغي أن يكون ناديها الرياضي حضارة للأحق لها.



error: المحتوي محمي