الحب المزيف عند المراهقين

مع ولادة الإنسان وإقباله على الحياة تولد حاجاته الأساسية معه، كحاجته للانتماء أن يحب ويشبع حباً وأن يهتم به ويهتم بالآخرين، بالتالي الانتماء مطلب ينشده الإنسان منذ نعومة أظافره وخلال جميع فترات حياته حتى مماته، وهو فطرة أوجدها الله بداخل كل منا وهو ضروري منذ النشأة من أجل الترابط بين الجنين وأمه، وهذا مهم للرضاعة الطبيعية وما إلى ذلك.

يمر الشاب بمراحل وصولاً لمرحلة المراهقة بالتحديد أو ما تعرف بمرحلة البلوغ تلك المرحلة التي تتصف بالتأزم واختلال النظم مقترنة بالاضطرابات النفسية بالكثير من المنعطفات، وثمة غرائز تباشر نشاطاتها منذ بداية سن البلوغ كالغريزة الجنسية التي يكون لها نصيب الأسد، حيث تكون سلطتها طاغية على جوانب حياة ذلك المراهق وغالباً ما تسيطر على قدراته الفكرية واستعداداته.

إن الغدد الداخلية في الجسم دائماً ما تصنع تغييراً هائلاً على مستوى الروح والجسد، كما أن لها دوراً فاعلاً في البعد العاطفي والنفسي، وتعتبر الهرمونات الجنسية التي تفرزها تلك الغدد الجنسية من أنشط وأقوى الهرمونات التي تفرزها باقي غدد الجسم، بالتالي يصرف المراهق جهوداً كثيرة لإرضاء الحالات التي تنتجها تلك الهرمونات الجنسية.

# حب من أول نظرة:
قد ينجذب الشاب في هذه المرحلة الحرجة لتلك الفتاة وهذا طبيعي كسلوك ولكن خطأ كمبدأ، فيشعر معها برغبة في ملاحقة الطرف الآخر يفرز هرمون السعادة (هرمون الدوبامين) بالدم عند ذلك المراهق، فيشعر بشيء غريب في جسمه وعقله يرافقه نشوة وإحساس بأنه حب من أول نظرة تجاهها.

تتطور العلاقة بمرور الوقت فيبدأ كلاهما بالحديث للآخر وسرد بطولاته ومعاركه التي خاضها في حياته ليفرز معها هرمون آخر (هرمون النورفينفرين)، مما قد يجعله طائراً فوق السحاب، في تلك اللحظة هذا الهرمون من أعراضه أنه يزيد من نبضات القلب ومعه قد يتلعثم ذلك الشاب ويصبح فاقداً للشهية.

ومع تطور العلاقة أكثر وأكثر قد يقوم الشاب بأشياء من شأنها أن تؤجج العواطف فيرغب ببقائها بالقرب منه طوال الوقت، ليبدأ معها هرمون آخر يفرز في المخ وهو (هرمون الإكسيتوسين) أو ما يعرف بهرمون الإدمان، يحافظ معه الطرفان على ولائهما لبعضهما، مع هذا الهرمون يغلق الدماغ ويتحجر عند ذلك المراهق فيشعر معه أنه غير قادر على العيش من غير تلك الفتاة، فالحذر من الوصول لتلك المرحلة وهو غير متأكد من الاستمرارية والارتباط معها لأن ردة الفعل قد تكون عكسية تشبه في أعراضها انسحاب الهيروين من الدم عند المدمنين.

للحب مراحل ثلاث وإلا فلا:
أغلب الشباب في مرحلة المراهقة يمرون بحالات ومشاعر نفسية يعتقدون بأنها حب بينما هي قد تكون إعجاباً – تعلقاً – لهفة – اشتياق، وهذه الأشياء لوحدها لا يمكن اعتبارها حباً للأسف لأنها لا تتجاوز المرحلة الأولى فقط من مراحل الحب وهي مرحلة الانبهار، ترى فيها الطرف الآخر كاملاً لا نقص فيه، ظريف وخفيف ظل، وأنه مختلف عن كل من قابلتهم في حياتك، ما أحوج ذلك الشاب لتلك النصيحة وأن لا يصل لتلك المرحلة من العلاقة مع أين كان إلا مع الخالق سبحانه.

الله تعالى أمرنا بالحب وما الحياة إلا الحب، ولكن وضع لنا الأطر الصحيحة لذلك، إن شبابنا اليوم هم كنوز هذا المجتمع، ومن الخطأ أن نكتفي بعد ثروات بلد ما دون أن نضع طاقات الشباب في الحسبان لأنهم القوة الفاعلة التي يجب أن تستثمر خير استثمار، وأفضل الاستثمار هو عيشهم الحياة بواقعية واتزان والابتعاد عن خزعبلات الإعلام التي برمجنا عليها في علاقاتنا.



error: المحتوي محمي