كعادته يحضر متأخرًا!
يتذمر لماذا رفعتم كشف الحضور والانصراف؟
ويبقى جالسًا في مكتبه حتى الساعة العاشرة، يتصفح جواله.
جاء أحد المراجعين وطلب منه إنهاء إجراءات المعاملة، نظر إليه وقال: دعها هنا وتعال غداً.
وبعد انتهاء سحابة العبوس يبدأ التنقل من مكتب إلى آخر، وحديث مع الزملاء وإشغالهم بأخبار السوق، والجدال مع بعضهم حول نتيجة المباراة! شرب قهوة عربية مع آخر، وهكذا حتى انتهى وقت الدوام!
حضرت إحدى الدورات التعليمية فعرض أحدهم فيلمًا عن بداية عمله، حركة عمله، كيف يبدأ العمل، كيف يوثّق عمله، كيف يرد على استفسارات المراجعين، كيف يقضي وقت الاستراحة المحددة ليعود لعمله نشيطًا!
لقد حددت قوانين العمل في جميع دول العالم، عدد ساعات العمل الرسمية بـ٨ ساعات، وبسبب المماطلة والتسويف لا يقضي الموظف العادي أكثر من ربع هذا الوقت في العمل!
لذلك فإن الموظف الناجح هو الذي يستثمر أوقاته في العمل وما يخص العمل، ويبدأ العمل وهدفه الإنتاج المميز، ويستثمر كل ثانية من وقته ويوظفها في محلها الحقيقي.
ولكي تكون ممن يستثمرون وقتهم أثناء الدوام إليك هذه النقاط:
احترم المواعيد
إن الوصول إلى مقر العمل في الوقت المحدد هو مرحلة الانضباط الذاتي ودليل على احترام الذات. كما أنه يدل على جديتك وحماسك للعمل، وكذلك فإن التحضير والالتزام بالمواعيد هما من أهم صفات القائد.
يقول تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا} [سورة مريم آية 54].
لا تُضِع وقتك في الهامشيات
عن الإمام علي عليه السلام: “من شغل نفسه بما لا يجب ضيّع من أمره ما يجب”(١).
لماذا تشغل نفسك في أمور لا تمس لعملك بصلة، عليك أن تحرص على أداء المهام الموكلة لك، ولا تتدخل في مهام غيرك.
حاسب نفسك على صرف الأوقات
اسأل نفسك عن الوقت الذي صرفته في الأحاديث الجانبية التي شغلتك عن أداء واجبك.
ما هو مقدار إنتاجك اليومي؟
يقول الإمام علي (عليه السلام): ما أحق الإنسان أن تكون له ساعة لا يشغله شاغل، يحاسب فيها نفسه، فينظر فيما اكتسب لها وعليها في ليلها ونهارها (٢).
في نهاية دوامك اسأل نفسك: هل صرفت وقتًا كافيًا في أداء العمل؟
اقتصد في وقتك
يقول الرسول الأكرم (ص): يا أبا ذر كن على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك (٣).
عليك أن تتمسك بوقتك وتحافظ عليه كما تحافظ على مالك، فلا تدع أحدهم يسرق منك ساعة في الهامشيات، كما عليك أن تتعلم كيفية إنجاز الأعمال في أسرع وقت، لا تكن بطيئًا في عملك فهذا هدر للوقت… اعطِ كل عمل وقته المحدد له. كما يمكنك الاستفادة من التقنيات الحديثة للتقليل من هدر الوقت.
استخدم تقويمًا
ليكن لديك تقويم (يومي، أسبوعي، شهري)
قسم يومك إلى فترات، لكل فترة عمل ما، لا تدع ساعات العمل مفتوحة على بعضها.
يقول الإمام علي (عليه السلام): اعمل لكل يوم بما فيه ترشد (٤).
حيلة الخمس دقائق
انجز المهام الموكلة لك فورًا، لا تتقاعس ولا تؤجل، لا تنخدع بالوقت وأن هناك فرصة لإنهاء هذه المهمة غدًا أو بعد غد، لكي تتغلب على عادة التأجيل يمكنك تطبيق حيلة (الخمس دقائق) أي أن تبدأ في محاولة أداء هذا العمل الذي قد تراه صعبًا لمدة خمس دقائق، فإذا ما شعرت بنجاحك في الأداء تقوم بالاستمرار في العمل، وحينما تتوقف عن الإنتاجية توقف عن العمل لوقت تكون فيه أكثر استعدادًا للإنجاز.
أخيرًا
تذكر أن وقتك حياتك وهو أثمن ما تملك، وأعظم ما يمكنك استثماره، ومن أضاعه فقد أضاع الحياة كما يقول “تشارلز داروين”: “إنَّ الإنسان الذي يجرؤ على إضاعة ساعةٍ من وقته لم يكتشف قيمة الحياة بعد”.
الهوامش:
(١) عيون الحكم والمواعظ، ص ٤٥٦.
(٢) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ١ – الصفحة ٦١٩
(٣) بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٧٤ – الصفحة ٧٦
(٤) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ٢١١٣