رثاء السيد رضى الجراش الأب الحنون

كنت طفلة حينما انضم إلى عائلتنا ذلك السيد الطيب الكريم، فبعد زواجه من أختي أحبَّنا جميعاً كمحبته لها، وصرنا بعد ذلك كأفراد عائلته، حيث كان يحنُّ علينا كحنانه على أطفاله وأمي كانت تحبه كثيراً، فهو أول زوج بالعائلة.

الذكريات كثيرة ولكن ما علق في مخيلتي يوم من الأيام بينما أنا في بيت أختي لرعاية أطفالها، وقد زرتهم مبكراً وأختي خرجت للدوام، وبينما أنا جالسة بالغرفة مع أبناء أختي، وإذا بصحن فطور يقدمه لي السيد من وراء الباب ثم توجه لعمله بعد ذلك، لم أنسَ كرم السيد من طفولتي ولم أنسَ تلك النقود الورقية الجديدة التي لا نحصل عليها أيام العيد إلا منه رحمة الله عليه.

هذا الرجل المؤمن الصالح ربى أبناءه وبناته على طاعة الله وعلى الالتزام بالصلوات وعلى حب محمد وآل بيته الأطهار (ع)، وقد كان قلبه متعلقاً بأهل البيت عليهم السلام، فعندما كان منوماً بالمستشفى كان قلبه يعتصر ألماً لعدم تمكنه من حضور المآتم أيام عاشوراء، وعند زيارة ابنته الكبيرة له بالمستشفى وهي من الطاقم الطبي فقد كان يقول لها: أتمنى أن تتحسن حالتي قبل اليوم العاشر من المحرم حتى أتمكن من الحضور للمأتم، ظل السيد متحسراً شوقاً للمجالس الحسينية هذا العام ولم يتمكن من الحضور جسداً ولكن الأكيد بأن روحه كانت موجودة بتلك المجالس.

إرادة الله سبحانه وتعالى كانت فوق الجميع فبالرغم من أمنياتنا بشفاء السيد، إلا أنه رحل لجوار ربه سريعاً، فقد رحل السيد مع شهر الحسين (ع) بعد ما ودع الجميع، حيث أرسل سلامه وتحياته لنا فرداً فرداً آخر أيامه، رحمك الله يا سيد وحشرك مع محمد وآل بيته الأطهار (ع)، فها هو القلب يعتصر ألماً لفقدانك يا سيد فأنت قد رحلت للعالم الآخر ولم تبقَ معنا سوى الذكريات.


error: المحتوي محمي