من أصعب الكتابات على الكاتب أو الشاعر حتى وإن كان أديباً متمرساً، هي كتابة الرثاء وخاصة حين يكون الرثاء على عزيز بمثابة أب، أو خال إذا كان هذا الخال في مكانة من أكتب عنه الآن.
سأوجه هذه الرسالة إليك أيها الخال والأب والصديق الراحل، وأعلم علم اليقين أنك لن تقرأها أبداً لسبب بسيط جداً وهو أنك غادرتنا اليوم إلى مثواك الأخير، غادرتنا في غفلة منا دون أن تودعنا!
أنت الذي ترعرعنا بقربك بل فتحنا أعيننا فوجدناك أستاذاً ورفيقاً وصديقاً.
الكل لخصالك متكلما
يا من ذهبت عنا ولم تكن للأهل والأصحاب معرضا
عهدنا بك الصبر فما عهدنا بك الأنين فقد كنت صابرا
خالي ستبقى في القلب حاضرا
رحلت وتركت كل من كنت له حانيا
واريت الثرى والكل على فراقك باكيا
فالصديق أنت والأستاذ أنت والأب أنت والخال أنت، حتى بعد موتك لن نكون ناسيا
نم قرير العين يا حبيبي أيها الغالي فأنت بالقلب قائما
بركان من التساؤلات تتماوج في عقلي:
هل رحلت فعلاً عنا؟
هل فراق الخال فعلاً سيطول؟
هل قسى علينا الزمان؟
هل اختفيت لأنك اكتفيت؟ أم رحلت عنا مجبراً؟
أحقاً لن تطل علينا مرة أخرى وجميعنا بصوت واحد (قوة خالي)؟
آهٍ على ذاك الزمان
يهدينا الدهر حبيباً فنهبه قلوبنا وتملكه جوارحنا ثم ينتزعه الموت مِنا دون شفقة، ما أقسى الموت وما أمرّه.
فقد عجز العقل عن الاسترسال في الذكرى، وذرفت الدمعات وجفت كل الضحكات، بقيت الآهات والذكريات.
ذكراك واسعة، أعمالك طيبة، أثرك طيب رحمك الله يا خالي فأنت جدير برثاء يليق بمكانتك لكنني فشلت، لذلك لن أرثي أحداً بعد اليوم لأنني لم أستطع أن أرثيك كما يجب، لأنك حقاً أكبر مني ومن كل حروف الرثاء، أسأل الله الذي اختارك من هذه الدنيا على عجل، أن يكون قد اختارك لحياة أجمل لا يعلمها سواه!
رحمك الله يا عزيز قلب أمك
نيابة عن جميع بنات أختك وأولاد أختك وجميع أحبابك الذين تُحِبهم: لن ننساك أبداً لأنك بيننا وفينا، إنما العين تبكي لأنها اعتادت أن ترى الجمال، ومثلما كنت تحب أن تسمع: أنت كل الجمال نحن لن نشتاق إليك، بل نموت شوقاً إليك.
رحمك الله يا بدر انطفأ نوره في سماء مدينتنا وداعاً خالي القمر، ابنتك وحبيبتك التي طالما كنت تناديها دائماً بـ: حبيبتي أماني.