كيف أرثيك؟

لم أتخيل أن يكون رحيلك باكراً هكذا، ٤٩ عاماً عمر قصير لك في الحياة وقصير علينا لأننا لم نشبع منك بعد.

شاء القدر أن ينتزعك وترحل عنا، اختطفك الموت وكان أسبق منا لاحتضانك، وأسرع منا لزيارتك، ليكون خبرك الكارثة التي أسقطتنا وأوجعتنا جميعاً، وكان المقياس لمشاعرنا التي وقعت في شرك الألم والفاجعة، وإلى الحد الذي جعل محبيك الكُثر يضجون حزناً على رحيلك يا خالي العزيز “سعيد”.

قبل أن تلفظ أنفاسك الأخيرة كنا قد لفظنا أنفاسنا ومتنا أكثر من مرة ولا تزال حتى اللحظة تصارع حتى بعد فقدك.

أصبحنا عاجزين تائهين كجنود في ساحة الحرب فقدوا قائدهم وهم عجزوا عن إنقاذه.

أصبحت لنا ذكرى! بل شريطاً من الذكريات نعيد مشاهدته ونتحسر على كل اللقطات واللحظات الجميلة التي قضيناها معك وكلما مددنا أيدينا لاحتضانك واهمين أنفسنا بوجودك عادت خائبة تبتلع الحسرات كما ابتلعت قلوبنا الغصات وأحالتها إلى خرائب.

لا أعلم يا عزيز ابنة أختك كيف استطاع قلبي أن يرثيك نعم قلبي من يتحدث ويكتب الآن ليس لساني فإنه في ذهولٍ وصدمة، ولا قلمي فقد كُسِر، فكل الكلمات أعلاه وما سيأتي بعدها خارجة من عمق القلب، قلبي الذي لم ولن يقوى على فراقك، أتذكر عندما تحتضني بكل قوتك ولا تتركني إلا بعد أن أشعر بحبك وحنانك!
هل هُنت عليك أن تتركني الآن يا خالي؟
من سيحتضنني من بعدك؟

يا عمري أنت ويا روحي سوف أشتاق لك شوقاً طويلاً أعلم أنه سينتهي عندما ألحق بك وألتقي فيك لكن متى اللقاء؟ لا أعلم.

وددت لو رأيتك للمرة الأخيرة أحتضنك، أشم رائحتك، أقبل رأسك ثم أودعك، لكن حالت الظروف ومنعتني لكنها لم تمنعني عن احتضانك وأنت تحت التراب هل شعرت بقدومي يا خالي؟
هل وصلت لك قُبلتِي على رأسك؟
هل أحسست بيدي وهي تمسح عليه؟
هل سمعتني وأنا أناديك؛ يا خالي وأقول بأعلى صوتي كم أحبك؟
ربما سمعتني لكنك لم تُجب، ولم تضحك ككل مرة وتقول لي: وأنا كذلك يا حبيبتي، لم تنهض من نومك لأن نومك سيطول جداً وجداً وجداً وهذا ما أدمى قلبي فقدت الأمل عندها صحوت على حقيقة كنت أتحاشاها.

تركتك وحيداً في ظلمة القبر دون نفس ولا نبض، لا خوف على روحك ولكن خوفي على جسدك وما سيحل به!

ودعتك الوداع الأخير رجعت من دونك، من دون أن أسمع كلمتك عندما أزورك في بيتك “قعدي شوي ما قعدتي شي يا بت أختي” عدت أدراجي مطأطأة الرأس، دامية العينين، لا حول لي ولا قوة، مكسوة بالحزنِ والخذلان وعلى يدي ما تبقى من تربتك.

فيا إلهي قد داهمني وداهم الألم والحزن عائلتي آجرني وآجرهم وخفف عني وعنهم وعن أمه ألم الفقد وفداحة المصاب وعن كل من أصابهم ألم فقد!

ابنة أختك وابنتك زينب تنعى فراقك وفي صدرها يقيم العزاء.


إلى خالي العزيز الراحل سعيد بن محمد آل مرزوق



error: المحتوي محمي