بدأت قصتي مع الإنشاد منذ نعومة أظافري، حيث كنت أذهب مع والدتي لمجالس العزاء، وعندما أسمع الحاضرات يقرأن ويلطمن أقف معهن وألطم بحرارة، كان عمري حينها لا يتجاوز الثلاث سنوات، وكما كنت أحب الذهاب مع والدتي إلى المآتم كثيرًا، كذلك كنت أحب مصاحبة والدي أيضًا عندما تقام مجالس العزاء والقراءة في البيت، أو في حسينية الإمام السجاد (ع)، لقد كنت أتحمس كثيرًا فأقف بين اللاطمين وألطم معهم وأشاركهم الحزن والبكاء على سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (ع).
بهذا تحدث عباس ابن الشيخ مهدي علي العوازم، حول انطلاقته في قراءة القصائد والإنشاد، مشيرًا إلى دور أخيه “علي”، في تشجعيه على القراءة وأحيانًا في اختيار القصيدة له وتدريبه عليها حتى يجيدها.
هوايات
يبلغ “العوازم” الـ١٣ من عمره، ويدرس في الصف الثاني متوسط، ويمتلك عددًا من المواهب منها؛ قراءة القصائد والإنشاد وأيضًا الجمباز، وقد خصص لنفسه ما بين ساعتين إلى ٤ ساعات يوميًا بين هواياته.
يقول: “هواياتي أمارسها وقت الفراغ لئلا تتعارض مع دراستي، فأنا أدرس وأدرس حسب كفايتي، وعندما أنتهي من الدراسة والتحضير، وهناك متسع من الوقت أمارس بعض من هواياتي مثل اللعب بالكرة وغيرها”.
ويتابع: “لقد تم اختياري للمشاركة في الجمباز، وتفوقت بالمركز الثالث على المنطقة والأول على المدارس، وتم تكريمي في المدرسة، والحمد لله أنا دائمًا من الناجحين في الدراسة، والفضل لله عز وجل وأهل البيت (ع) والوالدين الكريمين”.
ويوضح أنه لم يواجه أي مصاعب في ممارسة هواياته، وإن كانت هناك بعض العرقلات، إلا أنها سرعان ما تذهب وتتيسر الأمور.
قصائد
انطلق “العوازم” في مشواره بقراءة القصائد، بقصيدة “السلام عليك يا أبا عبد الله”، لعمار الحلواجي، وكان عمره حينها ٧ سنوات و٣ أشهر وهي أول قصيدة، كما قرأ؛ قصيدة “ياخيمات، ويا فاطمة يام الحسن، وعباس وجهك دنيتي، ودللوه يالولد” للرادود عمار الكناني، و”بدنيتي بس أنت عندي” للشبل مسلم الكعبي، و”تعبانات” للرادود مرتضى حرب.
ولم يقف أداؤه عند القصائد المعروفة، يذكر: “هناك بعض القصائد التي كنت أحبها وأرددها ولكنها من الأطوار النسائية، كون والدتي خطيبة حسينية فأحب أن أردد ما تقرأ”.
ويمضي في حديثه: “هناك قصائد كثيرة أحبها وأرددها، ولكن قصيدة “قايل لا تنوحي لو كثرن جروحي وشلون أنسى روحي وانت روحي عباس” للرادود محمد بو جباره، حفظه الله، من أحب القصائد وأقربها لنفسي”.
قدوة
يعتبر “العوازم” والدته الكريمة قدوته في الأداء، يقول: “أنا أحب أن أتقمص أطوارها لأن طريقتها في الإلقاء شجية وقوية ودائمًا تجد أطوارًا مميزة لكل قصيدة تختارها، وكذلك والدي الغالي سماحة الشيخ مهدي العوازم، فهو مثلي الأعلى حفظه الله تعالى”.
ويضيف: “والداي هما من يوفران لي سبل الراحة ويعطوني المجال الواسع حتى أنمي مواهبي، وأيضًا معلّمي دائمًا يشجعني على ممارسة هوايتي المفضلة، كما أن كل شخص ناجح قدوة، كل من بنى نفسه ولم يعتمد على غيره قدوة، مثل؛ خالي علي أبو حسين، وخالي مسلم أبو محمد، وخالي أمين أبو زهراء”.
ثقة واختيار واستعداد
برع “العوازم” في إلقاء القصائد كرادود مبتدئ، يصف علاقته بتلك الموهبة: “علاقتي بالإلقاء ممتازة ولله الحمد، لأن عندي ثقة بنفسي وبمن اختار لي القصيدة وبمن دربني”.
وتحدث عن الاستعدادات بقوله: “أحيانًا يكون هناك استعداد مسبق إذا كانت القصيدة جديدة، لعلي أقرأها بطور مختلف عن الرواديد، وأحيانًا لا يكون هناك أي استعداد والأمور كلها طيبة والحمد لله”.
نور الحسين
استطاع الشبل عباس المنحدر من بلدة القديح، أن يقرأ قصائد كثيرة لعدة رواديد رغم صغر سنه، كما قرأ بعضًا من القصائد التي تعلمها في معهد نور الحسين، حيث كان يتعلم ويتدرب على يد الرادود محمد العنكي، حفظه الله.
يقول: “كان الرادود العنكي يعطينا من وقته الثمين بقدر الإمكان، جزاه الله خيرًا وسعادة الدارين”، مضيفًا: “اشتركت في معهد نور الحسين (ع) مع أخي حسين، فهو الذي جعلني ألتحق بالمعهد والذي أفادني كثيرًا لما له من وقع جميل وأثر إيجابي، وكان للأخ عقيل عاشور فضل كبير فهو من المشجعين دائمًا لي”.
العقيلة
اشترك عباس مع فرقة “العقيلة” للإنشاد، وكان يدربهم مصطفى المرهون حفظه الله تعالى، كما درس الخطابة عند سماحة الشيخ محمد المشيقري (أبو مجتبى) حفظه الله، وتعلم الخطابة بأنواعها، ورغم قصر المدة – حسب وصفه – إلا أنها أفادته كثيرًا، كما يسعى لأن يرتقي المنبر الحسيني بكل ثقة وفخر واعتزاز.
ويرجع الفضل في مشاركاته في الدورات التي التحق بها إلى والديه، واصفًا إياهما بـ: “المشجعان الأساسيان فهما من يحفزاني حتى أشترك في مثل هذه الدورات”.
مشاركات
شارك “العوازم” في الاحتفالات التي تقام في منزله بمعية والده سماحة الشيخ مهدي العوازم، وحضور بعض المشايخ الفاضلين مثل سماحة الشيخ صادق المقيلي وسماحة الشيخ هاني الصفار والأقارب والجيران.
جوائز والهدف الأهم
حصد الشبل عباس عددًا من الجوائز بعضها عينية مثل؛ لاقطات يدوية، وكوبونات، وبعضها نقدية، إلا أن هدفه لم يكن مقتصرًا على الحصول على الهدية، حسب قوله: “هديتي هي النجاح والوصول للقمة وأن أكون عند حسن ظن الجميع وأولهم والداي حفظهما الله وإخواني وأقاربي”.
طموح
عن طموحه يقول: “طموحي الآن أن أسعى لأن أكون رادودًا مميزًا وأن أقرأ ما يخطه قلمي الخاص، وأتمنى أن أكون إن شاء الله في المستقبل مثل والدي الجليل، أدامه الله لنا فخرًا وذخرًا”.
رسائل
ووجه رسالة شكر لوالدته قائلًا: “والدتي الحبيبة لكِ خالص حبي وتقديري واحترامي وامتناني لديكِ لما بذلتيه لي من عطايا وحب وتحفيز وتلبية كل ما أتمناه، حفظكِ الله أمي الغالية فانتِ عندي الأم المثالية، رعاكِ الله يا أمي الحنونة، وأنت يا والدي الغالي”.
كما وجه الشكر كل الأمهات اللواتي سهرن على تربية أولادهن حتى وصلوا إلى سلم النجاح، ولم يشعرن بملل أو كلل بل العكس كن دائمًا فرحين عندما يرين البسمة والفرح تعلو وجوه أبنائهن، فشكرًا جزيلًا لكل الأمهات، حفظكن الله لأبنائكن وجعلهم بارّين بكن إن شاء الله تعالى.
وجاءت رسالته لأصدقائه وكل الأشبال مثله: “عليكم بتقوى الله عز وجل وحب أهل البيت ((عليهم السلام)) والتمسك بهم وبعقيدتهم والمحافظة على الصلاة والواجبات المفروضة علينا، فهي الطريق المنجي من النار، وطاعة الوالدين قبل كل شيء حتى يرضى الله عنا ويوفقنا لأن رضى الله من رضى الوالدين، وإياكم ورفقة السوء، فالابتعاد عنهم أسلم وأنجى وأفضل”.
وختم لقاءه مع «القطيف اليوم» بقوله: “أتمنى من المولى عز وجل أن يوفقني في حياتي وفي دراستي حتى أصل إلى ما أتمناه وأن أحوز على رضى الله عز وجل ورضى أئمتي عني، وأن أكون بارًا بوالداي اللذانِ رباني على حب أهل البيت (ع) والسير على خطى الأئمة الطاهرين وأكون عند حسن والدي الذي يسعى لأن يراني قدوة حسنة وسمعة طيبة، وأن أرفع رأس والداي وإخواني وعائلتي وكل من أنتمي إليه، وكل من تربطني بهم صلة قرابة”.