لا يمكن فصل الدماء عن الشرايين، في مجتمع شعاره “حب الحسين يجمعنا”، عذرًا يا رسول الله من دماء تسيل وأطفال يروعون ونساء تسبى ويتامى تجوع!
عذرًا من امرأة تحوم في كربلاء لتطفئ اشتعال الحريق بدموعها، من جسدٍ مقتول يُطْحَن تحت حوافر الخيول، من ذبح في الصحراء.
الرسول (صلى الله عليه وآله) يقول لنا حبوا الحسين، هل غير الحسين (ع) خطف قلوبنا وسكبنا الدمع عليه؟ هل غير الحسين (ع) أطعمنا ثمرة الإباء؟ عذرًا يا حسين هل من كان في كربلاء أبناء الرسول؟ هل من كانت في كربلاء تطفئ اشتعال الخيام بدموعها بنت فاطمة الزهراء بنت الرسول؟ كيف؟ أم هل؟ أم يا ترى؟ أأنت سبط الرسول؟ أأنت سيد شباب أهل الجنة؟
لا شك أن الجميع يشهد بأن الحسين (ع) سيد شباب أهل الجنة وسبط النبي (محمد صلى الله عليه وآله وسلم)، كربلاء أحزان الجراح، عين اليتامى لا تنام، نشرب الماء في ذكر عطش الحسين (ع)، بيوتنا أعلام الحسين (ع)، مذاق أكلنا حب الحسين (ع)، يا ترى! هل يا ترى السارق لم يستطع نزع الخاتم من يدك فقطع خنصر الإصبع.
بطلة كربلاء حافظت على لوحة عاشوراء في التخليد لكل الأجيال، فكانت الجهاز الإعلامي الشجاع حيث وقفت شامخة حين قال لها القاتل عن مشاهدتها لصنع الله بأهلها، بكل إيمان وقوى وشموخ قالت زينب: “ما رأيت إلا جميلًا”، فلو تجولنا في لوحة عاشوراء، نرى أنها عطلت قانون الجاذبية الأرضية حين رفع (ع) دم ابنه الرضيع إلى السماء ولم تسقط منه قطرة واحدة، أما سر خلود كربلاء إلى يومنا ويوم القيامة في تشكيل مجالس الحزن والعزاء وبيان ما جرى فيها فكان مهمة السجاد (ع) في إقامة مجالس العزاء والحزن، حتى في الطرقات السجاد (ع) يبرز مشاهد عاشوراء، في سوق المدينة جزار يريد ذبح الشاة، فناداه الإمام (ع): يا هذا هل سقيتها الماء؟ الشاة لا تذبح حتى تسقى الماء وأنت يابن رسول الله تذبح عطشانَ، فبكى (ع)، الإمام السجاد (ع) استخدم البكاء كمدرسة توعية، يأتي اليوم في سنة 2020 أحدهم ويقول لا تبشي على الحسين! ما قدم طعاماً أو ماءً إلى السجاد (ع) حتى يمزج ذلك بدموع عينيه.
الستار لن يسدل على ملحمة عاشوراء في كل الأزمان حيث المبادئ والقيم التي ضحى لأجلها (ع) سوف تبقى عالية فهو منهج خط جده الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، بصرف النظر عن المذاهب والأديان والعروق الطائفية فحركة الحسين (ع) كانت للإصلاح وثقافة لكل الأجيال من تهذيب الروح الإنسانية والارتقاء بالأجيال نحو الأفضل، نموذج من التضحية والشجاعة والصبر، لا يوم كيومك يا أبا عبد الله.