توافقت بحمد الله المحاذير الطبية والاحترازات الرسمية مع رغبات غالبية شرائح المجتمع القطيفي على إحياء الموسم العاشورائي، وعبرت به ولله الحمد من رحم المعاناة إلى بر الأمان وبصورته الاستثنائية الفريدة من نوعها.
هذه الصورة التي تكاد أن تكتمل بواقعيتها الصادقة خالفت التوقعات سواء المحذرة المتشائمة، أو المطمئنة المتفائلة، فلقد كانت المؤشرات تدلل على أن الاحتياطات المتخذة في جميع المآتم والحسينيات تنبئ بالنجاح الذي سيحالف القائمين عليها، وسيعبر بهم إلى بر الأمان يقيناً.
فالناس التواقون لإحياء الشعائر الحسينية أرسلوا الرسائل الباعثة على التفاؤل والاطمئنان وهم يبدون استعدادهم التام للالتزام بالتوجيهات أياً كان مصدرها، فالمهم عندهم هو إحياء المناسبة، والذي لابد أن يتوافق مع تعاهدوا عليه، فخرج أو يكاد هذا الموسم الاستثنائي الفريد بصورة أدهشت الجميع وأولهم المجاميع البشرية الذين أبهرت صورهم الحية أو الفوتوغرافية المختلفة كل من عاينها ورآها، وقد أصبحت مصدر فخر واعتزاز.
إننا رغم غمام الحزن الذي يخيم علينا في موسمنا العاشورائي المعتاد، نشعر بالارتياح بما حققه مجتمعنا وعبر إلى بر الأمان وعبر فيه عن وعيٍ وحسٍ مجتمعي رفيع في ظل جائحة هي من أخطر ما يمر به، والتي ما فتئت تحوم وتصيب البشر وتخطف الأرواح، وإن بدت ولله الحمد تباشير انكشافها تبزع بالأمل بإذن الله تعالى.
إننا نرى حقيقة أن هذا الوعي كان هو السبب المفصلي الذي أوصل للنجاح والذي لم يراهن عليه أكثر المتفائلين وأثبت العكس، وهو ما التزم به الناس حتى قبل الموسم المبارك، حيث رأينا كيف التزموا بالحظر حتى بعد رفعه من قبل الجهات المختصة، باستثناء حالات الضرورة، من أجل أن يعود بأعداد المصابين إلى ما كان عليه من قبل وهو الصِفر والذي لن يكون بعيداً لا عن القطيف، ولا عن كل بقاع وطننا الكبير قريباً إن شاء الله تعالى.
وما علينا سوى أن نستمر على طريق التزامنا، والذي لا نريد أن نحيد عنه حتى يتراجع الوباء نفسه وندفعه جميعاً عن ديارنا وبلادنا كلها، ونحن قادرون بإذن الله ما دامت الأطراف جميعها متعاونة مع بعضها، ولا نشك أن الجهات المسؤولة على اختلافها سعيدة وهي ترى المواطنين جميعاً يثبتون تكاتفهم ويظهرون تعاوناً متحضراً على الرغم من عودة الحياة إلى طبيعتها تقريباً مع التزام الحذر.
ما طبقناه في مجتمعنا القطيفي هو نموذج مختلف تستطيع أعين المراقبين أن تقارنه مع غيره من المجتمعات التي لديها نفس التجمع الموسمي أو أي تجمع آخر في أي بلد كان ولا نشك أننا سوف ننال مرتبة متقدمة، إذا لم تكن المرتبة الأولى والتي نثق أنها من نصيبنا.
