عندما تكون البدايات متشعبة المفاجآت، فقد يبزغ أفق الإنسان فيها، وتبتسم له الحياة منذ خطواته الأولى في مشروعه، وفي الوقت نفسه، قد تواجه شخصًا آخر عوائق تجعل خطواته تتعثر، فتفاجئه اللحظة الصادمة، وقصور اليد، والإحباط والتثبيط، وغياب الداعم والمحفز، والكلمة الطيبة، وغيرها الكثير.
تحدثت الفنانة الفوتوغرافية آمنة إبراهيم الحايك، المنحدرة من بلدة أم الحمام في محافظة القطيف، عضو جماعة التصوير الضوئي بالقطيف، المهتمة بتصوير حياة الشارع، لـ«القطيف اليوم» عن بداياتها، واصفة بداية مشوارها بأنها بدأت كالفارس، الذي يمتطي صهوة جواد الأمنيات، متسلحة بالرغبة العارمة في تحقيق أهدافها، وخلق بيئتها المعرفية لتبحر، لا اليأس يعرف لها طريقًا، ولا الوقوف في النقطة السوداء، بعيدًا عن رغوة الألوان، لترسم قوس قزح، تحيكه بعدستها من الإنسان، مرورًا بحياته، تطرز على الشوارع والطرقات، تاء التأنيث العربية، في حياة المرأة بمحافظة القطيف، بمختلف مشاربها وألوانها.
تشير الحايك إلى أن أغلب الصور التي تظهر النساء في أحداث الشارع كزيارة الجيران والتحايا فيما بينهم، والتسوق، والتجمع، بعد الانتهاء من المجالس الحسينية في توزيع البركة.
ونوهت إلى أنها تتمنى الانتهاء من تصوير حياة الشارع في جميع مناطق القطيف، وتوثيق ذلك المشروع الكبير في الكتاب، الذي تنتظر بزوغ خيوط الضوء في أحرفه ولقطاته، حيث كان السعي لذلك منذ بداية دخولها في هذا المجال.
بلا نضوج
تقول عن دخولها في عالم التصوير: “إنه جاء من واقع تجربة، وصفتها بغير الناضجة، تعلمت بعدها الكثير، من خلال التردد بشغف كبير على تصوير حياة الشارع، مزاوجة هذا الشغف بالاطلاع على كتب التصوير الخاصة بهذا المجال، إيمانًا بأن لكل شيء ثقافة، ولكي يبدع الإنسان عليه أن يثقف ذاته وفكره، ليقدم ما يثري، ويستفز جمالًا”.
وأكدت أنه لم يكن التصوير بالشيء السهل بالنسبة لها، مشيرة إلى أنه لا تزال ثمة معوقات، تحتاج الجرأة، للتغلب عليها.
وأجابت عن ماهية عدم نضج بدايتها، والمعوقات، التي تواجه مصوري حياة الشارع قائلة: “إن عدم نضوج التجربة، يكمن في أنها غير مستندة على الاطلاع والمعرفة الكافية عن تصوير حياة الشارع، والمعوقات تأتي عبر تقبل المجتمع بشكل عام لمصوريه، ومدى تجاوبهم، والحوارات، التي ينبغي أن يقوم بها المصور، مع الناس في تهيئة البيئة، لكي يلتقط الصورة”.
وأشارت إلى أن والدها -رحمه الله-، كان له الأثر الكبير في تعلقها بالتصوير، لكونه محبًا للتصوير، ويمارسه في رحلات السفر السياحية، وفي اللقاءات -العزائم-، مضيفة أن أغلب الصور، التي التقطها، كانت في رحلاته لأداء العمرة والحج، والسياحة.
وقالت: “لقد كانت الكاميرا متاحة، لجميع الأهل منذ الصغر بحكم أن الوالد، كان يحب التصوير، لافتة إلى أن أخاها، على الدوام، يعطيها كاميرته الفليمية، الكاميرا التي يحتاجها في الجامعة، لتصوير الحشرات، بحكم أنه مهندس زراعي، تشجيعًا لها، وذلك من خلال الطلعات، والرحلات، حيث يقول لها: “الآن قومي بالتصوير”.
وجاءت من هذه البداية اللحظة التي جعلتها تغرق في عالم التصوير، غرقًا جماليًا فتدخله من نافذته، وذلك عام 2009م، بعد شراء كاميرا شبه احترافية، وهي D90 نيكون، وبعدها أخذت بعض الدورات في الأساسيات، لتأتي دورة أساسيات التصوير، في عام 2010م، ومدتها 3 أسابيع، لجماعة نساء فوتو كأول دروة، تعلن من خلالها أن التصوير طريق اختارته.
بيئة ملهمة
ووصفت لحظة الإلهام بقولها: “لكل فنان الزاوية، التي تمثل الإلهام في كنه ذاته، وخلجات موهبتة، فلا يأتي الإلهام، كما نريد ونشتهي، إن يباغتنا، ليدهشنا، ونستجيب له”، مؤكدة أن البيئة المحلية لبعض قرى القطيف كانت الدافع والإلهام لها في تصوير حياة الشارع، الذي بدأت التوجه ناحية ضفتيه في عام 2016م.
وأشارت إلى أنها تجد مفردة القدوة والإلهام بالتتابع، مبينة أن القدوة في جنبة ما تتوافق مع الإلهام من خلال المصورين، وتحديدًا مصوري حياة الشارع، سواء المحليين، أو من تقوم بمتابعة نتاجهم في وسائل التواصل الاجتماعي، ليمثلوا لها القدوة، عبر الاستفادة الظاهرة والباطنة، وكذلك الإلهام الذي يأتي من خلال تزاوج الأفكار، حيث إن الفكرة في المنتج وثقافة المصور وبيئته لتولد فكرة مغايرة تبتكرها نتيجة لذلك.
وأشارت إلى أن هناك بعض المصورين، ممن تراهم القدوة، وتجد في مشاريعهم الفنية الملهم، والمحرك، وهم: الفنان زهير الطريفي، ومحمد الخراري، وحسين آل فريد، وحسين رضوان، والفنانة زينب الزاير، منوهة بأن مشروع الفنان حسين آل فريد العباية، كان بالنسبة لها، مشروعًا ملهمًا، وجميلًا -بحسب وصفها-.
وقالت: “كوني مصورة حياة الشارع، فأغلب الصور، تكون وليدة لحظتها، لما يتمتع به الشارع من أحداث ومواقف، وتحتاج سرعة بديهة، مشيرة إلى أن بعض المشاهد المحلية للمزارع في حياة الشارع، كانت مواد خصبة، تثير رغبة التصوير”.
وتابعت: “إن بعض الصور، تكون أفكارها معدة في مخيلتي سابقًا، لأقوم باختيار بعض الزوايا، أو المواقع، وأنتظر أحد المارة، لألتقطها”، مؤكدة أن مجال حياة الشارع غني بالأحداث والصور، التي لا تتكرر، مع اختلاف الأشخاص والمواقف، ولفتت إلى أن تسليط الضوء على المرأة، هو الموضوع الأبرز، الذي يشدها في تصوير حياة الشارع.
وبينت أن نجاح الصور يعتمد على مدى وصولها للمتلقي، وتمكن المصور من إيصال مشاعر الصور، واستنطاقها لدى المتلقي، منوهة بأنه عادة ما تكون الصور القريبة من القلب في نظرها هي الصورة الناجحة، متمنية مواصلة هذا المجال، وتحقيق الهدف المنشود.
وكشفت عن مشروع كتابتها المنتظر، قائلة: “إن البداية جاءت بتصوير بلدة الخويلدية، ثم أم الحمام، بعدها انتقلت إلى التوبي والجارودية، فالقطيف، وتحديدًا باب الشمال، والوسادة، وصفوى، وسيهات، وجزيرة تاروت، وأسعى إلى تصوير بقية المناطق في قادم الأيام”.
وفي ختام حديثها، وجهت دعوة للمصورين بشكل عام، لوضع هدف يسعون إلى تحقيقه، لإيصال رسائلهم النوعية للمتلقي، شاكرة صحيفة «القطيف اليوم»، على هذه الاستضافة.