ملامحٌ تبكي!

لا تدون دينك على الماء، ولا تضع ثقتك في منزلقٍ دلق، لا تكشف سترك فتمتهنُ كرامتك، ولا تبوحَ بسر صدرك حينما ترى انعكاس روحك في صورة، لأن الصور لا تُعبر دوماً عن الحقيقة، ولا تأخذنا دائماً إلى ما نتمنى، فحينما تحاول أن تحتضن انعكاسك في الماء ستغرق.

الحمد لله الذي جعل الأرزاق بالنوايا تقترن، وخصنا بالثواب فيها حتى لو أعاقنا الظرف عن العمل بها، لكن الحذر فيها واجب، والتعقل في فهمها نجاة.

إن أغلب مشاكلنا اليوم هي من عدم فهم الأشياء التي مُنحنا إياها، ولا معرفةِ حدودها ولا أبعادها، ولا إدراك العلة منها!

فعندما تسمع قصص الخذلان، وترى الألم في مواقف الثقة، ستفهم ما أشير إليه، حقوقٌ سُلبت، عهود أجْحدت، كلماتٌ زورت، أرحامٌ قطعت، وأيادٍ بيضاء قُبضت بعدما بُسطت، ملامحٌ تبكي تنادي أهذا ذنب من أحسن لوجه الله، قلبٌ يحتضر حينما سلبت نزوة الحب شرفه، ودمرت ما بقى من آماله.

إن العلة ليست في طيب قلوبنا، ولا في حسن نوايانا بالآخرين، بل إن العلة في تعاملنا بها، وفي نثرها على من هم حولنا، فدائماً هنالك من يستحق ومن لا يستحق، فلا بد من التمييز بينهما بعيداً عن قوة  العاطفة!

فلا يجب أن أمنح من الشيء كله فأفتقر له، ولا يجب أن أمنح من الشيء ما يُنقصه دون إدراك، ولا ما يُفقده دون ألم، لا يجب أن أمنح من الشيء ما يولد في القلب حسرة، ويزرع في النفس غصة!

تعامل مع كل شيءٍ بحذر، كرسامٍ يُحاول إتقان صورته من دون خطأ، بيدك أن تصحح مسارك، وأن تصبح ما تريد، لا تفكر في النهاية لأنها حتمية، ولا تخضع لقوانين الواقعية المحدودة، استجلب الخير لروحك، والأمان لقلبك، والصحة لجسدك.

تحدث مع نفسك بعفوية، احتضنها بحنان، أخبرها أنك بخيرٍ بوجود الله، وأنك أقوى من الريح التي عصفت بك، ومن الموج الذي حطم قارب أحلامك، ومن البلاء الذي استنزف قوتك، ومن المرض الذي غير ملامح مُهجتك.

كلما سقطت انهض، وكلما تعثرت استقم، حتى لو كان جرحك يقطر، وقلبك يتألم.

فكلُ عِقدة تُحل، وكل همٍ سينجلي، لتكن علامة نصرك ابتسامة، وآيةُ فوزك الرضا.

أنت أقوى مما تعتقد، فانطلق من شتات رمادك، إلى سماء تفاؤلك.



error: المحتوي محمي