كمتابع لحركة الفن التشكيلي ونشاطها في المنطقة- كهاو مهتم- تشدني دائما المواضيع التي يتناولها الفنانون والفنانات في التعبير عن مخزون أفكارهم وتأملاتهم وإبرازها بصورة فنية جاذبة، وأحيانا متداخلة بحيث تختصر العديد من القضايا والمواضيع في لوحة معينة.
وقد أتاحت لي إقامة عشرات المعارض الفنية المتنوعة في منتدى الثلاثاء الثقافي لفناني وفنانات المنطقة فرصة التعرف على بعض الأعمال الفنية ومحاولة قراءة مضامينها ومحتوياتها. تجمع أغلب الفنانين والفنانات الذين تعاطوا مع قضايا المرأة حول حالة الاضطراب والقلق التي تعيشها، من ناحية ازدواجية المعيشة والسلوك بسبب الوضع الاجتماعي، وكذلك ما ينتج عنها من سوداوية في النظرة إلى الذات والمحيط. وتنتقل المشاعر إلى وضعية الحزن والتأثر من القيود والأغلال التي تكبل حرية المرأة وحركتها، والرغبة في الانعتاق منها، وذلك يلحظ من خلال الاكثار من التعلق بالحمامة البيضاء في العديد من اللوحات الفنية. بين المرأة المنكسرة والعاجزة والمرأة المنطلقة والباحثة عن حياة رحبة واسعة، ينعكس هذا التمازج في الأعمال الفنية بتداخل الورود الذابلة أحيانا والمتفتحة أحيانا أخرى، والتمثل في ضيق مساحة المكان المعتم إلى الأفق الواسع المتلون بالبهجة والزهو والبياض.
علاقة وثيقة تربط المرأة بالطيور في الأعمال الفنية- الصغيرة والمنزلية-، فهي من تتناغم معها حبا وألفة وكبتا وتحررا، وكأنما هناك مشتركات كثيرة تجمعهما، منها الألوان الزاهية وخفة الحركة وأناقة المظهر والتطلع للانطلاق. المرأة هنا تتخذ الطير رمزا لتوقها للحرية ومتنفسا للتعبير، وأنموذجا لتناغم الألوان والجمال والحب والبراءة. توظف المرأة استخدام الشعر في اللوحة الفنية باتجاهين متعارضين، التعبير عن الفوضى واللا مبالاة والاعتراض، كما توظفه أحيانا كأداة تجميلية كي تظهر المرأة في الصورة في أكمل جمالها ورونقها وجاذبيتها.
ولم أجد في الأعمال التي تابعتها أي توجه لدى المرأة يوحي بإبراز حالة العدوانية والمكر والهيمنة وهي بعض ملامح الصورة النمطية الخاطئة التي ارتبطت بالمرأة ودورها. في أعمال البورتريه، تبحث المرأة الفنانة عن نماذج نسائية شاخصة شكلت في حياتها مساهمات إنسانية ذات قيمة، أو تلك التي تعبر عن حالات إنسانية مؤثرة. هناك الكثير من الأعمال الفنية المتميزة لفناني وفنانات المنطقة ينبغي الاعتناء بها والتشجيع على انطلاقها على الصعيد الوطني معبرة عن حركة فنية راسخة وفاعلة.