عرّفتهُ حرفةٌ على حرفةٍ أُخرى، وأولجهُ عالمٌ لعالمٍ جديد، فمن عالمِ الأصباغ والديكور التي عمِلَ فيها مصمّمًا ومشرفًا لدى إحدى المؤسسات، انتقلَ إلى عالم الأخشاب في الديكور؛ ليخرجَ من بين يديهِ فنًّا كما ينبغي للفنّ أن يكون، ولينتجَ بيديهِ شتّى الخشبيات الفنية، من منحوتات، وأوانٍ منزلية خشبية، وطاولات طعام، وتحفٍ متنوّعة بأخشابٍ طبيعية، ومنذُ 7 أعوامٍ إلى الآن أصبحَ نحت الخشب لدى محسن مهدي علي آل كاظم المنحدر من منطقة البحاري حرفتهُ اليدوية الملازمة له، التي يتحوّلُ فيها الخشب بين يديهِ من قطعةٍ خشبيةٍ عادية إلى سحرٍ خاطفٍ بدقتهِ وجمالهِ وتنوّعهِ.
الانطلاقة
امتهنَ آل كاظم مهنة الصباغة والديكور لدى إحدى المؤسسات، وقضى فيها 5 أعوامٍ بعملِ مصمّمٍ ومشرفٍ، ومن خلال عملهِ تعرّفّ على استخدام الأخشاب في الديكور، وكانت هذهِ المعرفة عن قُرب بداية شغفٍ حقيقي بالأخشاب، ليمتهن ديكور الأخشاب وخراطتها ونحتها مع النجارة منذُ سبع سنواتٍ للآن، ويعمل حاليًا سائق حافلة في مدرسة الخط الأهلية في الفترة الصباحية، مع مزاولة عملهِ مساءً في منجرتهِ الخاصة.
لم ينل بقرارهِ الدخول في ديكور الأخشاب دعمًا ماديًا أو معنويًا، لكنّ طموحهُ وإصرارهُ، وحُبّ المهنة كان شرارة لوقود شغفهِ وتميّزهِ بهذهِ الحرفة التي تختلف تمامًا في ناظريهِ عن بقية الحرف.
تفاصيل
ويصف تفاصيل علاقتهِ بالأخشاب لـ«لقطيف اليوم» قائلاً: “علاقتي بالأخشاب علاقة شغفٍ حقيقي، وما يهمنّي التميّز أكثر من العمل نفسه؛ لذلك أجدني أعتني بالقطعة التي أعملُ عليها، وأهتمُّ بأصغر تفاصيلها إلى أكبرها، بل وأدقّقُ في تفاصيلها ودقّتها ونظافتها، وحتى التفاصيل المخفية أُعطيها اعتبارًا كبيرًا”.
ويضيفُ: “أحبُّ التميّز لجميع القطع التي تخرجُ من تحت يدي، ولا أتابعُ الفنانين الأجانب ولا غيرهم، بل أعتمدُ على ذاتي في جميع أعمالي، ولذلك كانت كلمة أحد النجارين الكبار لي حينما خاطبني قائلاً: “عملُك يفوق الأجانب” من أجمل وأقوى الكلمات التي أثّرت بداخلي كثيرًا”.
ويكمل: “مازلتُ أتذكّر أولَّ مجسم أنجزتهُ في مشروعي، حيثُ أهديتهُ لزوجتي، وقد بلغَ عدد المجسّمات والقطع الخشبية التي أنجزتُها لحدّ الآن 300 قطعة خشبية، وأحبُّها لقلبي هي تحفةُ صنعتُها من خشب الزيتون، وهذهِ التحفة تلقى طلبًا كبيرًا من الزبائن”.
مخرطة وإزاميل
يحتاج آل كاظم لإنتاج قطعهِ الخشبية مخرطة وأزاميل وفّرها بطلبٍ من الخارج؛ لجودة صناعتها العالية، وهو ينتجُ بعملهِ في خراطة الخشب الكثير من التحف المنزلية والمكتبية والحائطية، وأواني الطعام الخشبية، والمكاتب، والطاولات، والمباخر، والمجسمات الفنية، والمنحوتات المجسّمة، والأرفف، ويستغرقُ في صناعة الأواني والتحف ساعةً من الوقت، وأحيانًا أقلّ من الساعة.
محليات
يستخدم في عملهِ أنواعًا كثيرةً من الأخشاب، وأكثرُ هذهِ الأخشاب محلية في المنطقة، فأخشاب البلد هي أفضل وأجمل في رأيهِ وبحسب عملهِ من الأخشاب المستوردة من الخارج مثل؛ خشب شجرة الكافور، والبرهام، والسدر، والصفصاف.
ويذكرُ أنّ جميع الأواني الخشبية مثل أطباق تقديم الطعام وغيرها من الأواني الخشبية والتحف الفنية والطاولات وغالبية ما ينتجهُ من الأخشاب المحلية في المنطقة.
قيمة
تتحدّد قيمة القطعة لديهِ بناءً على عدة محكمات؛ أولها حجم القطعة، والوقت الذي استغرقهُ في العمل، ومستوى التميّز فيها، وإذا كانت القطعة من الأخشاب النادرة فإنها تزدادُ سعرًا عن البقية.
الصعوبات
يذكر آل كاظم الصعوبات التي تعترضهُ في عملهِ، فيقول: “من أصعب العوائق التي تعترضنا في عملنا هي عدم توفر الأخشاب بكثرة، ونحنُ كنجارين نتمنّى أن يكونَ بيننا وبين بلدية القطيف عقد واتفاق، بعدم رميها للأشجار غير المرغوبة أو التي يتمُّ التخلّص منها وإزالتها؛ فنحن أولى بالاستفادةِ منها بدلَ رميها.
وأردف: “الأمر الآخر، أنّ سعر أدوات العمل غالٍ جداً، فالإزميل الواحد يصل سعره لـ500 ريال, وهذا أيضًا من عوائق العمل لدينا في هذا المجال”.
تطوير الذات
تمكّنَ مفردًا أن يطوّر من إمكانياتهِ في العمل، وذلك من خلال اليوتيوب والتعلُّم الذاتي، وعن طريق التجارب أيضًا، فهو يهوى التجارب دائماً، ولا يُمانع من تكرار التجربة مرتين أو ثلاث مرات لحين نجاحها.
واستطاعَ مع الوقت أن يكون مدربًا واستشاريًا، حيثُ قدّم 4 دورات خاصة، وتلقّى عرضًا لتقديم دوراتٍ تدريبية في دولة الكويت، لكنّ ظروف الجائحة حالت دون ذلك وتمّ تأجيل موعد الدورات.
وشارك آل كاظم في فاب لاب القطيف، كما شاركَ كذلك في معرض الصنّاع العالمي ميكرفير- كويت Maker Faire Kuwait 2020.
هذا، ولا يزال لديهِ الحلم والدافعية ليكبر مشروعهُ ويتطوّر، وينشئ مركزًا للتدريب على هذا الفن البديع اللافت.