بيروت: الفتاة الرشيقة

حينما أبصرنا مشاهد الحزن التي أصابت بيروت تلك الفتاة الشقراء الساحرة من مساء أمس، لم يرتح لنا بال، وتمكنت الريبة من التسلل الى قلوبنا، أصبحت اليد مشغولة في المسبحة من التكبير والتهليل في حفظ بيروت الحبيبة التي يتنافس الكثير الفوز في حبها مع ذلك! الهواجس لم تقف الله يستر؟ يا قلبي مازلت في النبض والهلع! ويش صاير ماذا سوف يصير؟ نتابع الأحداث من كل دقيقة عبر منصات التواصل والبث المرئي.

لم نستطع النوم البارحة، حيث الخبر نزل علينا مثل الحجر المتدحرج قذفه السيل من أعلى الجبل وارتطم في القلب وأصاب جميع أجزاء البدن، سكينة الانتظار أصبحت صديقًا لي من البارح ولم تفارقني طوال صمت الليل، ومازالت النفس تتجول في مضمار التساؤلات هل؟ أم كم؟ كيف؟ ربما؟… عقرب الساعة توقف عن الدوران وأصبح الوقت يمشي مثل الحلزون البطيء. حين بزغ شروق الشمس يوم الأربعاء الخامس من أغسطس من عام ألفين وعشرين، خيوط الضوء حملت لنا الحقائق وتحررني من سجن هواجس (يا ترى.. يا ترى؟ هل يا ترى) من حصيلة الضرر التي مرت بها بيروت الجمال والحب.

لست من الناس الذين يخفون المشاهد الجميلة، مازالت سينما الأحداث من بيروت في ذاكرتي، ما أكثر المشاهد الجميلة في الذاكرة، أختار لكم مشهدًا من سينما الذاكرة من القصير، من عدة سنوات كانت لي مع العائلة زيارة إلى بيروت، شعرنا أننا مازلنا بين أهلنا من احترام وتقدير السائح، فأغلب الشعب يملك ثقافة عالية من التعامل بلغة الاحترام والمحبة مع السائح الأجنبي، وربما لديهم محبة وسعادة أكثر إلى شعب بلاد الحرمين الشريفين مرتبط بأشرف مكان (الكعبة المشرفة)، استمتعنا بجمال الطبيعة الخضراء وسحر الرشاقة والجمال الأزرق في بحرها، حتى سينما الأفلام كانت توجد في ساحة مفتوحة، فالجميع يشاهد ويستمتع دون مقابل مالي، دعانا صاحب السينما للجلوس وجهز لنا المقاعد دون مقابل مالي، شعب يتكلم بلغة الحب والإنسانية.

جميع شعراء “المهجر” من رسموا لغة حب الوطن ابتداء من إيليا أبو ماضي وجبران خليل جبران من لبنان، لبنان بلد الفكر الحر ودور النشر الثقافي العملاق، لكن البارحة هذه الفتاة رائعة الرقة والرشاقة والجمال التي يتسابق على حبها الجميع وكذلك تحمل الحب للجميل، تتعرض إلى وعكة دمار من انفجار مخزن واقع في مرفأ بيروت من يوم الثلاثاء 4 أغسطس 2020، مما أدى إلى حدوث أضرار كبيرة في المرفأ وخسائر بشرية من قتلى وجرحى.

الجميع يتضامن من خالص التعازي والمواساة إلى لبنان الحب، اللهم ارحم من انتقلوا إلى جوارك، والطف بأهلهم وشاف الجرحى وألهم شعب لبنان الصبر والسلوان.


error: المحتوي محمي