تطوير العمل الخيري ضرورة لصنع التغيير.. الجمعيات مطالبة بتبني وإقامة مشروعات تدعمها مادياً

أكد رؤساء جمعيات خيرية أن تغيير العمل الخيري من واقعه الرعوي إلى التمكين آتٍ لا محالة في ظل التغييرات الضخمة التي تشهدها المملكة، مشددين على أن جمعيات كثيرة باتت تؤمن من داخلها بأهمية تغيير النمط التقليدي إلى نمط منتج يتجه للتمكين، ما ينسجم مع تطلعات القيادة الرشيدة ورؤية المملكة 2030، مُشددين لـ”الرياض” على أهمية تطوير العمل الخيري عبر تغيير نمطه التقليدي المستند على التبرعات التقليدية التي ترفد الجمعيات لفعل الخير.

نحو الأفضل

وأبان محمد الصغير – رئيس جمعية تاروت الخيرية – أن الجمعية مع التغيير نحو الأفضل دائماً، فكما تعدل المنظمات الربحية دائماً من سلوكها بناء على معطيات السوق، فإن من الضروري للمنظمات غير الربحية أيضاً الاستجابة لمتطلبات السوق، ومراعاة الظروف الاقتصادية بما يخدم أهدافها الخيرية، وتعظيم القيمة التي تقدمها للمجتمع.

وأضاف: نفذت جمعية تاروت الخيرية العديد من المشروعات الاستثمارية التي كانت رافداً للجمعية منذ نشأتها، وكان أول هذه المشروعات روضة الطفل السعيد التي أسهمت بشكل فعال في تلبية حاجة مهمة لشريحة واسعة من أبناء المجتمع، في وقت كانت هي الوحيدة في المنطقة، تلا هذا المشروع استثمار المستوصف الذي قدم خدمة كبيرة لأبناء المجتمع في المجال الصحي، وقدم كذلك دعماً مالياً للجمعية على مدى السنوات الماضية، وتابع: “في الآونة الاخيرة دخلت جمعيتنا في مجال الاستثمار في صالات الأفراح وهو مشروع كبير، إلى جانب مشروعين سكنيين والثالث مازال قيد الإنشاء حالياً، ولدينا مشروع الذكر الحكيم”.

وعن المشروعات المستقبلية قال: سوف يتم البدء في مبنى لذوي الاحتياجات الخاصة، ونتمنى أن تعود جميع هذه المشروعات بالخير على أبناء مجتمعنا.

جمعيات تتطور

وشدد جعفر الخباز – رئيس جمعية العوامية الخيرية – على أن الجمعيات الخيرية تتطور وتعمل على مشروعات تدر عليها أرباحاً بهدف دعم المستفيدين، مضيفاً: “من الضروري أن تكون للجمعيات الخيرية مشروعات استثمارية تساهم في وجود دخل ثابت لها يساعدها على أداء رسالتها وعدم الاعتماد كليًا على التبرعات”، وتابع: “إن الجمعية لديها مشروع مبنى كافل اليتيم وكذلك مبنى الضيافة الذي أصبح الآن مقرًا للجمعية”.

وعن أداء الجمعيات قال: إن أداء الجمعيات الخيرية له دور كبير في مساعدة الفقراء والأيتام، حيث ساهمت بشكل فعال في توفير السكن للمحتاجين، ودفع الإيجار للكثير من الأسر الضعيفة ومساعدات شهرية نقدية لهم، بالإضافة إلى المساعدات الطارئة والمساعدات الموسمية، وساهمت بشكل كبير في مساعدة أبناء الأسر الضعيفة في دراستهم من مرحة الروضة إلى تخرجهم من الجامعة.

وعن تطوير العمل الخيري قال: من أجل تطوير العمل الخيري لابد من انخراط أصحاب الكفاءات في مجالس إدارات الجمعيات الخيرية وكذلك العمل كمتطوعين في لجانها المختلفة، فمن الخطأ أن يبتعد أصحاب الكفاءات والخبرات عن الجمعيات الخيرية وتترك لمن ليس لهم دراية، وتابع: “نحن الآن في عالم متغير وهو عصر التكنولوجيا فلابد من استغلال التكنولوجيا في تطوير مصادر دخل الجمعيات الخيرية”.

شريك في التنمية

وتطرقت د. أحلام القطري – رئيسة جمعية العطاء النسائية الأهلية بالقطيف – إلى تطوير العمل في الجمعيات وقالت: إن النمط التقليدي لدور وممارسات العمل الخيري آخذ في التحول منذ بعض الوقت، فمنذ ما يقارب العقد من الزمن بدأ التطلع لعمل القطاع الخيري أي القطاع الثالث على أساس تكريسه كشريك في عملية التنمية المستدامة باعتباره الضلع الثالث لثالوث التنمية جنباً إلى جنب مع القطاعين الحكومي والخاص، مضيفةً أنه يستوجب هذا الانتقال التدريجي من (الخيرية إلى التمكين) أي من الرعوية التي لا تفرز تنمية بشكل مرض إلى التمكين، وعليه يتم تخصيص بعض الجمعيات للقيام بالدور الرعوي – والذي لايزال المجتمع بحاجه إليه – وهي جمعيات البر الخيرية، متزامناً مع ذلك الدفع بالجمعيات لتبني وإقامة مشروعات خاصة بها لرفد مشروعاتها كما هو معمول به في الغرب، وهذا ليس بالأمر السهل لسببين، أولهما ضعف الاستدامة المالية للكثير من الجمعيات، الثاني الثقافة المجتمعية المتأصلة بدعم الجانب الرعوي على حساب المخرجات التنموية لقصور في الوعي، والذي أعتقد أنه آخذ في التغير ولكن ببطء شديد نحتاج معه للكثير من الجهد التنويري من جانب الإعلام، وكذلك تكريسه بمناهج التعليم.

مشروع دائم

وذكرت د. أحلام القطري أن جمعية العطاء النسائية ارتكزت منذ نشأتها على تبني الفكر التنموي، فلدينا كفالة لتعليم الطلاب المعوزين الذين لا يتم قبولهم بالجامعات الحكومية، وغير ذلك من البرامج التنموية، ومن مشروعاتنا الداعمة لتنفيذ المشروعات التنموية لدينا مبادرة “مشروعي” للسيدات المنتجات وسيدات الأعمال، ومشروع مماثل هو “براحة التراث”، ولكن كل ذلك لا يضمن الاستدامة المالية الجيدة، فنحن بحاجة إلى إقامة مشروع دائم يضمن رفد الجمعية بالعائد المالي لدعم مشروعاتها، ولكن للأسف ليس لدينا المقدرة المالية لإقامته بالرغم من المبادرات الرائدة لذلك، وتبقى الاشتراكات والتبرعات هي الرافد الرئيس للأسف، لافتةً إلى أن الجمعيات الخيرية تعد داعماً أساسياً للمجتمع وكلها فاعلة في ذلك مشكورةً، بيد أن أكثر مفاعيلها رعوية، مشددةً على أن العمل الخيري آخذ في التوسع والتطور في بلدنا الغالي، مؤكدةً على أهمية استقطاب العقول الشابة في ابتكار منتجات تطوعية خيرية لتواكب الاحتياجات المجتمعية في الوقت الحالي، وما تدشين منصة التطوع وتضمينها ضمن رؤية المملكة 2030 إلاّ دليل على ذلك.


error: المحتوي محمي